حسني عايش
3- وأن الأبحاث البيولوجية المعاصرة تؤكد أنه لا توجد جينات خاصة بجنس
دون آخر ، وان الفروق الجينية بين الأجناس البشرية محدودة للغاية .
إن
هذه المعلومة ليست مثيرة فقط بل مفيدة جداً
أيضاً لإنقاذ الحياة البشرية ، إذ عندما عزا العلماء الأمريكيون
الجينيون بعض الامراض إلى الفقر الجيني لم يستطيعوا تقديم أي علاج لها
سوى التعقيم . غير أنه لما أثبت جوزيف جولد بيرجر أن البلاجرا (مرض
الحصاف وهو مرض غير معد ينشأ عن نقص في التغذية) ليس مرضاً جينياً ،
وإنما يرجع لنقص في الفيتامينات عند الفقراء ، تمكن من علاجه واستئصاله
(Gould) .
4- إن العوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإدارية بما في ذلك
المناخ المدرسي وتصميم البناء المدرسي وحجم المدرسة الطلابي والألوان
المستخدمة فيها ، ومدى ثبات المعلمين والمعلمات في مواقعهم ، ونظرية
التعلم وأساليب التعليم المتبعة (نظرية فطرية الذكاء مثلاً واختبارات
قياسه مقابل نظرية التفاعل الاجتماعي التي تعظمه وتجعله كالمد العالي
أو القوي الذي يرفع جميع السفن) تؤثر كثيراً في التحصيل ، وإن
جميع الدراسات والأبحاث تؤكد ذلك ، بما في ذلك أبحاث الذين قالوا
بفطرية الذكاء وأخفوا ذلك عن الناس .
5- وإن البيئة الغنية ثقافياً تزيد من حجم الدماغ ومن وزنه ، ومن عدد
وتطور القنوات العصبية المتاحة لمعالجة المعلومات ، وإن الاعتقاد
السائد بالانحدار الحتمي للدماغ بتقدم العمر غير صحيح . وإن الصحيح أن
الدماغ ينحدر نتيجة قلة الاستعمال (Use
it or Loose it)
وأن ذلك ينطبق على الطاقة العقلية للشخص انطباقه على الطاقة العضلية ،
وإن هذه العملية العميقة التعقيد المرتبطة بتطور الدماغ ونموه لا تحدث
بالدرجة نفسها أو المستوى نفسه عندما تتكون مدخلاتنا المعلوماتية من
نتفه من هنا ، وأخري من هناك، والسبب واضح : لا توجد قوى دافعة ، أو
زخم ، أو حاجة عند الدماغ لتكوين القنوات والوصلات العصبية المعقدة
عندما تكون المعلومات لا جدوى أو لا معنى لها.
P.J Hart wick and Caela Farren
Specialist or Generalist
? A false Dichotomy : An Important , Distinct on : Future Visitors :
Ideas sights , and Strategies, E.D By Howard F . Disbury , Jr .1996
وإذا كان الأمر كذلك فما أكبر الخطر الذي تشكله الأصولية والديكتاتورية
على الدماغ والنمو الثقافي . إن الثقافة الضحلة أو الثقافة ذات البعد
أو اللون الواحد تجعل الدماغ صغيراً وخفيفاً ،" وتُبقِي المجتمع
متخلفا". وبما أننا نعيش في هذه الدنيا مرة واحدة- كما يقول جولد – فلا
مأساة فيها أكبر وأعمق من مأساة إعاقة نمو المرء , وإنكار الفرصة
عليه ليفكر كما يشاء ، أو تقييد أمله بحدود تفرض عليه من الخارج .
لعل الفقر الثقافي والديموقراطي العربي والإسلامي هو الذي يعيد العرب
والمسلمين إلى المربع الأول أو الماضي مع كل صدمة أو نكسة أو هزيمة ,
ويبقيهم عاجزين عن الانطلاق .
6- وإن آخر البحوث في الدماغ تؤكد ذلك ، وقد كشفت عن أربع نتائج تربوية
رئيسية بعدما مكنت التكنولوجيا الجديدة العلماء من رؤية الدماغ وهو
يعمل بدلاً من ملاحظة سلوك الإنسان لتفسير عمله .
(Educational Leadership,
Vol .56,No 3 November 1998
)
|