حسني عايش
مقدمة:
نظام التربية والتعليم بوجهٍ عامٍ ، والامتحانات – بأنواعها وأشكالها -
بوجه خاص ، موضوع شائك ، ليس من السهل تقديم جواب شاف فيه يقطع قول كل
خطيب ، فالموضوع أشبه بصيغة
Figure
منبثقة عن خلفية (Back
ground)
ثقافية معينة تتداخل في تكوينها ، وتتحالف وتتصارع ، جملة من العوامل
: الأيدلوجية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية ، والعملية ،
والتكنولوجية .
إنني على يقين أن الكثرة الكاثرة من الناس على دراية بأثر هذه العوامل
منفردة ومجتمعة في التربية والتعليم عموماً ، وفي الامتحانات خصوصاً ،
لكنني في السعي للكشف عن الحقائق والأوهام سأقدم عرضاً موجزاً لتاريخ
اختبارات الذكاء في الغرب ، وما اعتورها من تزييف وألاعيب ،
والمغالطتين اللتين بنيت عليها لأننا بنينا - ولا نزال نبني - أنظمتنا
التربوية وامتحاناتنا العامة (الصيغة) على منوالها ، كما سأطرح عدداً
من التحديات والإشكالات والأمثلة والاقتراحات للنقاش .
1-
الناس
معادن :
أذكركم – إن كنتم ناسين - بالجمهورية "الفاضلة " التي قسم فيها أفلاطون
الناس إلى ثلاث فئات :
أ-
فئة الفلاسفة أو الحكام .
ب-
فئة المساعدين .
ج- فئة الجنود والعمال .
وأضاف أفلاطون على لسان سقراط في محاورته مع جلوكون... "وسنقول للناس
إنكم أخوة ، لكن الله جعلكم مختلفين
، فبعضكم جعله يملك قوة العقل أو الأمر
، لأنه مزجهم بالذهب . وبعضكم جعله مساعداً لأنه مزجهم بالفضة ،
وبعضكم جعله جندياً أو عاملاً لأنه مزجهم
بالنحاس أو الحديد" . وأضاف سقراط مخاطباً جلوكون : "ولكن كيف سنجعل
الناس يصدقون هذه الخرافة ؟"
يجيب جلوكون :
"ليس
الآن . ليس في هذا الجيل ولكن أبناء هذا الجيل وأبناء أبنائه وذريتهم
سيصدقونه"
.
(بتصرف من (Stephen
Jay Gould, The Mismeasure of Man (1981)
|