مقالات حسني عايش
 


تربية وتعليم أم امتحان عام يكرم فيه الطالب أو يضام

حسني عايش
 

 2- الناس جماجم ورؤوس (Craniometry) :

قبل ظهور نظرية داروين في التطور البيولوجي التي استحوذت على خيال العلماء والمفكرين في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كان العلماء الغربيون في تحديد أصل الإنسان ينقسمون إلى قسمين :

أ- الحمائم(Soft liners) أو علماء الأصل الواحد للإنسان(Monogenists) الذين يؤمنون بما جاء في الكتاب المقدس (Creationists) وإن آدم وحواء هما أصل البشرية جمعاء ، وأنهما كانا كاملي الأوصاف قبل طردهم من الجنة ، ثم دب الانحطاط في ذريتهما ، ولكن بتفاوت ، حصل فيه البيض على المرتبة الأخيرة ، والسود على المرتبة الأولى ، وإن المناخ كان السبب الرئيس للظروف العرقية أو اللونية بينهم . ولكن القائلين بالانحطاط اختلفوا فبعضهم قال : أنه لا يمكن عكسه ، وبعضهم قال بالعكس .

 

ب- الصقور(Hardliners) أو القائلون بالأصل المتعدد للبشر(Polygenists) وأن الأجناس البشرية جاءت من أنواع بيولوجية متعددة ، أي أنها سليلة لأكثر من آدم واحد وحواء واحدة ، وأن الجنس الأبيض هو الأرقى بيولوجياً ، والأسود هو الأدنى ، فلا يجوز السماح لأفراده بالمساواة مع بقية البشر . وبذلك يتفقون مع الحمائم في التوجه العنصري .

وبظهور نظرية التطور البيولوجي الداروينية تم سحب السجادة من تحت أقدام الطرفين على يد التطوريين
(
Evolutionists) ولكن النظرية مع ذلك نالت إعجابهما لأنها قدمت تبريرا – بدا عقلانياً - للعنصرية العلمية المشتركة (Scientific Racism) التي تجمعهم .

 

كان فرنسيس جالتون (1882- 1911) وهو ابن عم داروين ، رائد الإحصاء الحديث . وقد اعتقد أنه بتكريس الجهد والعقل يمكن قياس أي شيء ، والتعبير عنه كمياً ،  وأن الكم هو المعيار الأساسي للدراسات العلمية ولإيمانه القوي بالبعد البيولوجي لكل سلوك ، ركز على موضوع وراثية الذكاء ثم تحول – وبقية علماء عصره - إلى قياس الجمجمة مرة من الخارج ، وأخرى من الداخل ، أو من الخلف أو من الجبهة لتحديد كميته .

وكانت الإجراءات ونتائج الحسابات والقياسات تجري- في كل مرة – في إطار التوجه الاجتماعي السياسي للعلماء الغربيين في تلك الفترة : البيض – وبخاصة الطبقة العليا منهم - يتفوقون على الطبقات الدنيا منهم، والسود (واليهود) والمرأة يتخلفون عنهم.

لم تكن المناقشات والمطارحات العلمية الدائرة آنذاك تتحدث عن المساواة وحقوق الإنسان كما هو الحال اليوم ، بل كانت تدور حول تبرير انفراد الطبقة العليا أو النخبة (كما في بريطانيا) والرجل الأبيض (كما في أمريكا) بالحكم والامتيازات ، وأن النقص البيولوجي للسود (واليهود) ، وغيرهم في آسيا وأمريكا اللاتينية ، يبرر استعبادهم أو استعمارهم .

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد : حسني عايش

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

  تاريخ التحديث 22 حزيران 2002  

Copyright © 2001 - 2002 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية