حسني عايش
لقد
تقلب بينيه في عدة مدارس فكرية ، ولكنه في
النهاية هجرها إلى الأساليب النفسية بعد حيرة قوية نتجت عن تضارب
قياسات حجم الجمجمة وعدم اتساقها مع أفكاره المسبقة ومع قياسات تلميذه
سيمون . وقد بدأ ذلك سنة1904 عندما كلف وزير التربية والتعليم الفرنسي
بينيه بوضع تقنيات لتحديد تلاميذ الصفوف العادية المحتاجين لشكل ما من
التربية الخاصة (Special
education)
لمساعدتهم . وقد نهض بينيه للمهمة بسلسلة من الاختبارات القصيرة أو
الأعمال (Tasks)
ذات العلاقة بالمشكلات اليومية المعتمدة على أساسيات التفكير بقصد قياس
الذكاء الطبيعي للطفل غير المتأثرة بالتعلّم ، وعليه لم يعط التلاميذ
فيها أي شيء يقرأ أو يكتب .
لقد تبين لبينيه أخيرا "أن الذكاء معقد جدا" ، فلا يحيط به ، أو يعبر
عنه ،
رقم ، وإنه ليس شيئاً واحداً قابلاً للقياس
كالطول أو الارتفاع . كما حذر من تبسيط موضوع الذكاء ، وقال : إنه لا
يجوز أن يقال : إن فلاناً عمره الزمني ثماني سنوات وعمره العقلي سبع
سنوات ، لأن مثل هذا القول سيكون مصدراً للخداع والتضليل . كان بينيه
يخشى أن يُشيء الذكاء ، وأن يصبح الرقم أشبه بلزقة دائمة لصاحبه . وكان
يخشى استخدام المعلمين للمقياس كعذر للتخلص من جميع الأطفال المشْكلِين
، بل ولتحقيق النبوءة الذاتية عن الطفل
Self- fulfilling Prophesy
. ولهذا لم يمتنع بينيه عن وصف الذكاء بالفطري
فحسب ، بل رفض – أيضاً –اعتباره أداه عامة
لتدريج الأطفال . لقد كان القياس عنده أداة لتحديد الأطفال المحتاجين
إلى رعاية خاصة ، فطالب بعدم إجرائه على الأطفال العاديين . وأضاف:
وأياً كان سبب ضعف الأداء فإن الهدف هو التحسين وليس الوصم أو الإدانة
(Gould).
|