مقالات حسني عايش
 


تربية وتعليم أم امتحان عام يكرم فيه الطالب أو يضام

حسني عايش
 

كما قدمت النظرية لكل عالم راغب في تصنيف البشر إلى أعلى وأدنى معايير غير قابلة للمقاومة ، فسلوك الجماعات المتخلفة شبيه بسلوك أطفال الجماعات المتفوقة ، وقد تم وضع نظرية تشريحية لتصنيف الأجناس والأفراد حسب شكل الجسم والأطراف وليس حجم الجماجم والرؤوس فقط .
 

وبذلك خدمت النظرية التلخيصية فكرة أو فلسفة الحتمية البيولوجية عندما صارت تقارن الجماعات المتخلفة والطبقات الدنيا والمرأة- بالمعيار الغربي - بالأطفال الذكور للبيض ، فالمتوحشون والنساء يشبهون عاطفياً الأطفال . ثم امتدت النظرية إلى الفن فصار فن ما قبل التاريخ يقارن بخرابيش أطفال البدائيين ، مما جعل استعمار أمريكا وإفريقيا وآسيا مقبولاً ضميرياً أو أخلاقياً ، بل وضرورياً أيضا ً.
 

إلا أن ستيفن جي جولد - عالم البيولوجيا والتشريح والمؤرخ الفيلسوف ، يتساءل: لكن لماذا ينسبون سلوك العنف عند بعض الناس إلى خلل في الدماغ أو الشكل ، ولا ينسبون فساد أعضاء الكونجرس والرؤساء إلى مثل ذلك ؟ هل نلوم الضحية أم نزيل الظلم ؟

 

 4-   الناس علامات :

يضيف جولد : وبعد ما اعتمد علماء القرن التاسع عشر حجم الجمجمة لتحديد الذكاء , ثم حجم الرأس ، ثم شكل الجسم والأطراف ، انتهى علماء القرن العشرين إلى نظرية الذكاء الموروث ومقاييس الذكاء التي تحدد كميته . لقد افترضوا أن الذكاء شيء فطري أو جبلّي قابل للقياس ، وشيئوه بالتحليل العاملي(Factor Analysis) لأن التعبير عن شيء بالأرقام يكسبه الموضوعية والمصداقية . طبعاً يمكن قياس الجمجمة أو الرأس ، أو وزن الدماغ ، أو إخضاع الإنسان لاختبارات ذكاء دون إشارة الباحث إلى تفضيلاته وتحيزاته الاجتماعية ، ثم عرض النتائج بأرقام صعبة تم الحصول عليها بإجراءات معيارية صارمة لتبدو وكأنها تعكس الحقيقة ، حتى وإن كانت انعكاساً لما أراد الباحث الاعتقاد مسبقاً به .

في سنة 1898 قام الفرد بينيه (1857-1911) مدير المختبر النفسي في جامعة السوربون في باريس ، بنشر مقالة له يقارن فيها بين أدمغة البيض والسود وأحجام الجماجم والجبهات... قال فيها : إنه وجد دوماً فرقاً ذا دلالة بينهما يعبر عن دونية السود . ولم ينس شمول المرأة بالدونية العقلية في استنتاجاته إذ قال : ففي كل الجماعات نجد أن دماغ المرأة أصغر من دماغ الرجل ، لكنه أخفى عمداً الحديث عن وزن الدماغ ، المعيار المحبب لعلماء قياس الجمجمة . وعندما فحصت أوراق بينيه بعد موته عثر على السبب وبطل العجب وهو عدم عثوره على اختلاف في الوزن الإجمالي لأدمغة البيض والسود .  وقد كتب معلقاً على ذلك : "إن عوامل كثيرة تتدخل في ووزن الدماغ مما يجعل الكشف عن هذا الأمر غير مفيد" .  لكن بينيه أصبح شخصاً "مشهوراً" في أوروبا وأمريكا بعد اختراعه لمقاييس الذكاء ، مع أن نسبة الذكاء (
IQ) اختراع أمريكي .

 

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد : حسني عايش

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

  تاريخ التحديث 22 حزيران 2002  

Copyright © 2001 - 2002 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية