حسني عايش
المغالطتان الكبيرتان :
الأولى :
مغالطة تشييء المفاهيم المجردة ، فالذكاء - مثلا - مجموعة هائلة من
الإمكانات الإنسانية المنوعة والمعقدة ، ولكنه ما أن يصبح شيئا حتى
تفرض إجراءات العمل المقننة له موضعاً أو خميرة فيزيقية . وبما أن
الدماغ هو أساس العقل فان الذكاء يصبح هناك ، لعل قصة الذكاء أو
اختبارات الذكاء أشبه بقصة العميان الست والفيل .
الثانية :
مغالطة القياس , وهي ناجمة عن نزعة الإنسان لتدريج الشيء على مقياس .
وبما أن التدريج يتطلب معياراً لوضع كل فرد من النوع في سلسلة واحدة ،
فلا أفضل ولا أعظم من عدد أو رقم موضوعي للتعبير عن ذلك . وهكذا تمت
كموية الذكاء (من الكم) بقياسه برقم وحيد لكل شخص يحدد مرتبته او قيمته
في سلسلة واحدة (Gould) .
تحديات وإشكالات :
1- لقد أثارت الأخبار عن احتمال إلغاء الثانوية العامة في أحد البلدان
العربية الرعب في كثيرٍ من المدارس ،
فقد خشي المديرون
والمعلمون والمعلمات الامتحانيون فقدان سلطانهم فتصرفوا كما لو انهم
مصابون بالبرانويا العكسية ، وكأنهم لا يكتفون بالخوف والقهر والانتحار
والقتل التي يتسبب بها الامتحان كل عام ، بل يطالبون بالمزيد منها .
لقد وجدوا أنفسهم فجأة مكشوفين ولا هدف بديل قوي أو ديناميكي لديهم
يشدون طلبتهم نحوه .
2- تفيد الدراسات والأبحاث التي جرت على فحوص الذكاء والتقارير
المتعلقة بها وعلى رأسها تقرير جيمس كولمان الشهير الموسوم :
(Quality of
Educational Opportunity 1996)
إن اختبارات الذكاء ليست سوى اختبارات تحصيل أكثر منها اختبارات ذكاء .
وقد أكد ذلك وثني عليه الباحث د. ستيرنبيرغ في مقال له بعنوان :"أكاذيب
نعيش معها : سوء تطبيق الاختبارات لمعرفة الموهوبين" ، نشرها في مجلة (Gifted
Quarterly Vol .26,1982)
عندما قال :"إن الذكاء هو تحصيل السنة الدراسية الاخيرة وان جميع
اختبارات الذكاء تتطلب تحصيلا قوياً من الطلبة المفحوصين ، وهو بالطبع
تمييز ضد الاطفال خارج الإطار الإجتماعي الثقافي" .
|