متطلبات العمل والتعليم الجديدة

الصيغة الأمريكية

    لم يكن غريبا إذن أن تأتي المبادرة لتحديد متطلبات العمل في اقتصاد المعرفة في أمريكا من وزارة العمل لا من وزارة التربية والتعليم فيها . على أنني أحب أن أنبه وأن أحذر أنني لا أدعو إلى التقليد الأعمى أو الإتباع الأعمى للبلدان المتقدمة ، وإنما أدعو إلى التعلم من تجاربها وخبراتها لتجنب تكرار أخطائها ودفع كلفتها الباهظة .
 

إن النظام الأمريكي - مثلاً - صيغة Figure بارزة في خلفية معينة Background : اجتماعية ثقافية اقتصادية سياسية مما لا يجعل نسخها أو سلخها ممكناً أو مفيداً . إننا بحاجة إلى تعديل الصيغة الأمريكية لتقبلها الأرضية الأردنية أو العربية وتعيش فيها ، وهو الأسهل ؛ أو إلى تعديل الأرضية لتقبل الصيغة وهو الأصعب والأخطر ، أو إلى تعديل تدريجي في الصيغة والأرضية معاً وهو الأفضل .

وإذا كان الأمر كذلك فإن أحد اسباب عجز التكنولوجيا المتطورة المستوردة عن بلوغ أقصى طاقاتها في البلدان المستوردة هو عجز البيئة الثقافية فيها عن الإيفاء بمتطلباتها لتعمل بطاقتها القصوى .

ومن ذلك - مثلاً - إن قيم الموجة الزراعية تعرقل فاعلية التكنولوجيا المتطورة ولا تكون مواتية لها ، فالسيارة فيها تعامل كالدابة ؛ والوقت - على أهميته البارزة - قليل القيمة ، لأن الأهلين لم يعرفوا عن أهميته من خط الإنتاج الصناعي .  إن التكنولوجيا - في البداية - تأخذ شكل مخترعيها ومطوريها وصانعيها ، إلا أنها - في النهاية - تأخذ شكل موظفيها ( بكسر الفاء) أو مستخدميها ( بكسر الميم ) فترتفع إلى مستواهم أو تهبط إليه . وقصة العرب مع السلاح السوفيتي معروفة
 
إذن فلا تثريب علينا عندما ندعو للتعلّم من تجارب الآخرين وخبراتهم  ولكن ضمن هذا الفهم ، ولا خطأ جسيماً نرتكب إذا ذكرنا بالتطورات والاتجاهات التعليمية الجارية في بلدان المصدر أو التصدير المعرفي أو التكنولوجي ؛ لأننا نقوم (عمداً باستيراد آخر مبتكراتها ونظمها . إذن فلنتعلم من تجارب الآخرين وخبراتهم ) كيلا نكرر أخطاءهم - وندفع الكلفة التي دفعوها لتصحيحها - يجب علينا أن نعدِّل الصيغة أو نعدل الأرضية أو نعدل الصيغة والأرضية معاً لتوطين التكنولوجيا الجديدة كيلا ترفضها الأرضية الجديدة . لعل مسألة أو عملية نقل المعرفة أو التكنولوجيا من البلدان المتقدمة إلى البلدان المتخلفة والنامية شبيهة بعملية زراعة الأعضاء – كالقلب أو الكلية وغيرهما – في جسد محتاج إليهما ليبقى . من هنا أو لهذا ، فإنني أشك في مصداقية بعض الدروس الفكرية التي تدعو البلدان المتخلفة والنامية إلى استخدام التكنولوجيا المناسبة Appropriate Technology . إن معنى ذلك أن البلدان المتقدمة ستظل تحتفظ بقصب السبق ، وسيظل مكتوباً على البلدان المتخلفة والنامية الالتصاق بالتكنولوجيا المناسبة , أي التكنولوجيا التي  تجاوزتها البلدان المتقدمة .

 

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد : حسني عايش

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

  تاريخ التحديث 22 حزيران 2002  
Copyright © 2001 - 2002 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية