تمهيد :
توجد طرق
مختلفة لتلَّمس النتاج المطلوب من التعليم الثانوي ( العام
والمهني)
لسوق العمل ،
أو التعليم العالي في إقتصاد المعرفة المعاصر. ومن هذه الطرق -
على سبيل المثال لا الحصر- مد شكل النتاج الحاضر في المستقبل المنظورأو
إسقاطه عليه ، بافتراض
أن المستقبل لن يختلف - جوهرياً عن الحاضر. ومنها إعداد
سيناريوهات لشكل النتاج
المطلوب في ضوء فرضيات أو إحتمالات قوية ، ومتوسطة القوة ، وضعيفة ،
يتوقع حدوثها ؛ ومنها استخدام طريقة دلفي - الحكيمة اليونانية القديمة
- للتعرف على صورة النتاج المطلوب في المستقبل , القائمة على الطلب من
عدد من الحكماء في القطاعات المعنية تقديم رؤاهم أو تصوراتهم (الحكيمة)
له في مدى معين ،
وهي الطريقة
الغالبة – تقريباً - في المؤتمرات ...
طبعاً فإن لكل طريقة
إيجابياتها وسلبياتها أو قصوراتها. غير أنه يمكن أيضاً التعلم من
تجارب الآخرين وخبرات من سبقونا في السير على الطريق نفسه ، وهو ما
رأيت القيام به هنا ، انطلاقاً من قناعتي أن التشابه في المناهج
الإقتصادية، والنظم التكنولوجية ... بين البلدان يؤدي إجمالاً إلى
التشابه في المشكلات والأزمات والتحديات ، ومن ثم في الحلول والعلاج ،
مما يجعل تزيّداً أو كمالياً السعي لإعادة اكتشاف الكهرباء ، أو اختراع
العجلة ( خارج المدرسة ) . وربما تكون الحلول أو العلاج في البلد
المتعلم من خبرة بلد آخر سبقه في الموضوع أفضل بتجنب أخطائه . ولقد قيل
: من لا يتعلم من التاريخ محكومٌ عليه بتكراره .
اقتصاد المعرفة
لقد أخذ
اقتصاد المعرفة Knowledge Economy أو الإقتصاد
الكمبيوتري Soft
Economics ،
أو الإقتصاد العقلي Mind
Craft يحل بسرعة مضطردة محل اقتصاد العضلة والأرض والآلة
كمصدر للقوة وينبوع للثروة ، مما يتطلب تحول المجتمع المعني إلى مجتمع
للمعرفة Knowledge Society . إن كل نظام تعليمي لا يعي ذلك ولا يدركه ويتكيف
معه يقضي على امكانات التقدم والأمن التعليمي والإقتصادي لطلبته وشعبه
.
لقد غيّر اقتصاد
المعرفة كل شيء في حياتنا وبخاصة تفكيرنا التربوي وممارساتنا التربوية
. لقد كان التربويون أو- على الأصح - العاملون في التربية
والتعليم بمختلف مراحلهما وأنواعهما ، وفي أثناء عملية التطوير التربوي
، ولا يزالون ، أشد أصولية ( في كل بلد حتى في أمريكا ) من غيرهم من
الأصوليون في موقفهم من التجديد والعصرنة , ومن التفكير الناقد
والإبداعي والتعددية والديمقراطية . إنهم يقاومون بكل ما أوتوا من قوة
الخروج من ترتيبات النظام التربوي الذي شكله العصر الصناعي والعصر
الزراعي الذي وجدوا أنفسهم فيه .
|