حسني عايش
دعونا نفترض أننا علّقنا تقديم امتحانات العامه أو الموحدّة
(المقننة) لمدة خمس سنوات ، فما الذي نركز عليه في المدرسة لنقول أنها
جيده ؟ اذا لم يكن هدفنا العلامات العالية في الامتحان فما الشئ الذي
نهتم به في المدرسة ونركز عليه ؟ وما نوع المشكلات والأنشطة التي ينشغل
فيها التلاميذ؟ وما نوع التفكير الذي تستدعيه هذه الأنشطة؟ هل نشجع
التلاميذ على حب الاستطلاع وطرح الأسئلة حول ما درسوه؟ ربما نجد أنه
يجب علينا أن لا نهتم أكثر بإجابتهم عليها من إهتمامنا بطرحهم لها . إن
أهم انجاز عقلي لا يكون بحل المشكلات فقط بل في طرح الأسئلة أيضاً أو
أولاً .
ماذا اذا جعلنا هذه الفكرة جدية ووضعنا وحدات دراسية تقوم على تقصّي
أشكال الأسئلة التي يمكن للصف طرحها نتيجة غمس في موضوع معين ؟ ماذا
يمكن أن تعلم مثل هذه الممارسة الصغار عن الاستقصاء ؟ ما الدلالة
العقلية للأفكار التي يواجهها الصغار ؟ (لدي قول أعمل بموجبه : اذا لم
يستحق أمر ما التعلم ، فإنه لا يستحق تعليمه جيداً ) . هل الأفكار التي
يواجهون مهمة ؟ هل لها أرجل ؟ وهل تصل بهم الى أي مكان ؟ وهل يتم تعريض
التلاميذ بمنظورات ( أو رؤى ) مختلفة للشئ الواحد ؟ إن أثر التساؤلات
أو أبعادها على تطوير المناهج رائعة بل استثنائية ولتكوين مثل هذه
القدرة أو والعادة العقلية نحتاج لاختراع أنشطة تشجع التلاميذ على
ممارسة صيغ من الفكر وتطويرها وتنقيتها . ومن ذلك اعتماد منهج
المنظورات او المشاهد المتعدده بدراسة الموضوع الواحد أو رؤيته من عدة
زوايا .
لقد طوّر عالم النفس الأمريكي ج . ب . جيلفورد سنة 1950 ما سماه "
بنية العقل أو الفكر"
The
Structure Of Intellect
. حدد فيه مائة وثلاثين نوعاً من العمليات العقلية
، فماذا لو استخدمنا هذه البنية لتشجيع مختلف أنواع التفكير ؟ إنني
أقصد أن أقول أن الأنشطة التي يشارك فيها الصغار هي الوسائل التي يجري
من خلالها ترقية تفكيرهم . فعندما لا يكون لدى الأطفال سبباً لطرح
الأسئلة ، لا تتطور العمليات التي تساعدهم على تعلم كيفية اكتشاف
المسائل العقلية .
إن القدرة على طرح الأسئلة المعبرة ليست نتيجة تلقائية للنضج . هل تعرف
ما المشكلة الكبرى التي يواجهها طلبة الدكتوراه في جامعة ستانفورد ؟
إنها ليست الحصول على درجات جيدة في المساقات ، فكلهم يحصلون عليها .
إن أكبر عقبة يواجهونها تتمثل في تحديد مشكلة رسالة الدكتوراه . ولكننا
نستطيع مساعدتهم في ذلك قبل وصولهم الى مرحلة الدكتوراه . والمدرسة
الجيدة هي التي توفر لتلاميذها هذا النوع من التفكير المنتج للأسئلة
الجيدة .
ما الاتصال أو الإرتباط التي تساعد المدرسة فيه تلاميذها بين ما يدرسون
في الصف والعالم خارج المدرسة؟ إن لأحد الأهداف الرئيسة للتربية علاقة
بما يشير إليه علماء النفس وهو إنتقال التعلّم ، فهل يستطيع التلاميذ
تطبيق ما تعلموه أو ما تعلموا كيف تعلموه ؟ وهل ينغمسون في ذلك النوع
من التعلّم اللازم للتعامل مع المشكلات والقضايا خارج المدرسة ؟ إذا
كان ما يتعلمه التلاميذ مجرد وسيلة لرفع علاماتهم في الامتحان التالي
فإننا نكون كمن يكسب المعركة ويخسر الحرب . ففي هذه الحالة يصبح
التعلّم المدرسي عائقاً نتجازوه أو حاجزاً نقفز عنه . يجب أن نقرر فيما
اذا كان التلاميذ يستخدمون ما يتعلمونه أو لا . وحتى اذا كانوا قادرين
على استخدام ما تعلموه فإن ذلك ليس مؤشراً على أنه يستخدم . هناك فرق
بين ما يستطيع التلميذ عمله وما سيعمله .
إن المتغيرات التابعة المهمة بالفعل في التربية والتلعيم غير موجودة في
غرف الصفوف والمدرسة . إنها موجوده خارج المدرسة . وإن ممارساتنا في
التقييم لم تخدش قشرتها بعد . إن المقياس الحقيقي للإنجاز التربوي هو
تطبيق التلاميذ لما تعلموه ، وعندما يستطيعون العمل به عندها يرغبون في
ذلك .
|