هل للآيزو في التعليم أي فائدة ؟

 

حسني عايش


وعندما أدلى مدير أحد المدارس أن مدرسته استفادت من شهادتي الآيزو (14001 ، 9002) في التوعية البيئية وتطوير الخدمات التربوية والأكاديمية ، وأن الآيزو استثمار ، رد عليه أحد المعلمين الذين تعاملوا مع الآيزو فقال :

أولاً : إن الآيزو لا يضمن الجودة (في التعليم) وأن كل من جرّب عملية الحصول على شهادته في المدارس والجامعات يعرف أنه أدى – بالعكس من ذلك – إلى إلحاق الضرر بروح التعليم .  فقد أُثقل المعلمون والإداريون بالعمل الورقي والإجراءات المملة التي تستنزف الوقت في التحضيرات والتحسينات الشكلية في الإدارة لا في التعليم، لأنه لا يمكن معاملة العملية التربوية كخط للإنتاج ، وأن على المعلمين أن يملأوا عقول طلبتهم بالموضوعات الثقافية بهدف تخريج كل طالب في نهاية المرحلة التعليمية بعقل ممعير مماثل لعقل الآخر . إن هذا العمل غير انساني ويفسد فلسفة التربية والتعليم التي تعتبر المعرفة والتعلّم عملية ديناميكية لا شكلاً موحداً عند كل طالب . 

ثانياً : وإنه لمن المحزن تضليل الناس بالاعتقاد ان الآيزو والجودة مقترنان .  إن هذا غير صحيح لأن الآيزو يضمن معيرة العملية (Process) فقط ، وليس جودة المنتجات (كما ذكرنا) . وحتى إن كنا ننتج منتجاً متدني الجودة فإننا نستطيع – مع ذلك – الحصول على شهادة الآيزو إذا التزمنا بإجراءاتها بصورة منتظمة في إنتاج هذا المنتج .  وذلك يبين لماذا لا تحتاج كثير من المنتجات الجيدة إلى شهادة الآيزو .  وبالعكس نرى الشركات / الصناعات ذات المنتجات المتدنية الجودة تسعى للحصول على شهادة الآيزو وشعاره . (ولعلَّ ذلك ينطبق على المدارس والجامعات المتدنية الجودة) .  

ثالثاً : لا علاقة للمقيمين الذي يرتبون الإدارة حسب عملية (Process) الآيزو بعملية التعليم ولا هم خبراء بما فيه الكفاية لفهم البيئة التعليمية من المنهاج والكِتاب والمؤهلات الأكاديمية وأساليب التعليم ... والتي تشكل أساسيات التربية الجيدة . ويجعل هذا النقص في الفهم عندهم من الصعب عليهم النفاذ إلى العملية التربوية برمّتها بدءاً من التحاق التلاميذ بالمدرسة أو الجامعة إلى تخرجهم فيها ، وما بينهما . 

رابعاً : إننا ندفع ثمناً باهظاً لسوء الفهم هذا نتيجة السياسة التربوية التي تطالب المدارس والجامعات بالتعليم الجيد بدون توفير خطوط توجيه وإرشاد واضحة لمقاييس الجودة في التربية والتعليم . وعليه قد يهرع المزيد من المدارس والجامعات (التعبانة) للحصول على شهادتي الآيزو كبرهان على توفير النوعية أو الجودة فيها أي لأغراض تسويقية تنافسية مع غيرها لجذب الطلبة إليها .   

ثم يطالب المسؤولين عن هذه السياسة بتوضيح هذه النقطة ووقف الفوضى العامة وسوء الفهم المتعلقة بموضوع الآيزو وجودة التعليم . ويضيف : يجب وقف هذا الإهدار الذي يقوم على دفع المال بغباء مقابل شهادة لا تضيف شيئاً للقدرة العقلية للطلبة . وبدلاً من ذلك يجب صرف المال بحكمة على مزيد من الكتب والكمبيوترات وزيادة رواتب المعلمين والمعلمات . "إذا كان منحى الآيزو (لتحسين نوعية التعليم) فعّالاً فلماذا تستمر أفضل المدارس في العالم العمل بنجاح بدونه ؟" 

والحقيقة أن كثيراً من المربين في الغرب والشرق يذهبون إلى ما ذهب اليه هذا المعلم الفهيم ويرفضون تطبيق مبادىء اقتصاد السوق (أوالبزنس) في التعليم ، لأن في ذلك حط من كرامة الإنسان وإنزاله إلى مستوى المنتج (الصناعي) . إن الآيزو وعلى الرّغم من علاقته ، بمبدأ الجودة الشاملة إلا أنه مختلف عنها وقد لا يؤدي إليها ، "ففي الجودة الشاملة يتم التركيز على المنتج أولاً بأول وبحيث تصل نسبة النجاح فيه الى نحو 100% . وفي حالة التعليم فإن الجودة الشاملة تعني نجاح جميع الطلبة في تحقيق الأهداف أوالامتحانات المقررة . وبعبارة أخرى فإن الآيزو يركز على مقدمات قد لا تؤدي إلى تحقيق النتائج المرجوّة بينما تركز الجودة الشاملة على النتائج"    (حسني عايش) . 

 

 

اكتبوا لنا ملاحظاتكم واستفساراتكم

إعداد : حسني عايش

تحرير : المدرسة العربية  www.schoolarabia.net

  تاريخ التحديث 22 حزيران 2002  
Copyright © 2001 - 2002 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية