وقد
نشرت مجلة نيوزويك في عددها الصادر في
كانون الأول 1991، دراسة مفصلة للمدارس
التربوية الأكثر تميزاً في مختلف
أقطار العالم، وقد أبرزت هذه الدراسة
التي أجرتها المجلة أهم الصفات
المتميزة في عدد من مدراس تلك الأقطار
ونعرض فيما يلي أبرز ما توصلت إليه هذه
الدراسة .
1-
نيوزيلنده
الاهتمام
بالقراءة والكناية:
إذا
كانت القراءة هي حجر الزاوية في عملية
التعلم والتعليم، فإن أفضل الأساليب
لتعليم القراءة الجيدة والكتابة
المتميزة توجد في الاختبارات الدولية
التي عقدت في هذا المجال، ونال معلموها
ونظم امتحاناتها شهرة واسعة في العالم.
ومن
مقومات تميز نيوزيلنده في تعليم
القراءة والكتابة الجيدة، اتباع منهاج
خلاق يركز على الفهم والاستيعاب من
خلال القراءة، ويسمح للطلبة بالتعلم
وفقاً للسرعة التي تناسبهم ، فهم
يعتقدون في نيوزيلنده أن
إتقان القراءة والكتابة بصورة جيدة
يتم بشكل طبيعي، وأن كل طالب لديه
المهارة والقابلية للقراءة بنجاح بغض
النظر عن خلفيته، ولذا فإن حوالي 50% من
وقت اليوم الدراسي يخصص في الصفوف
الأولى للقراءة والكتابة، ويستمر
التركيز عليهما في السنوات الدراسية
الأولى إلى أن يكتسب الطالب الطلاقة
اللغوية، كما يحصل الطلبة الضعفاء على
مساعدة من اختصاصي تعليم القراءة، أما
التركيز على المواد الأخرى فإنه يأتي
لاحقاً.
وتشكل
نوعية الكتب عاملاً مهماً في نجاح
المنهاج الدراسي، فبعد أن يتم تطوير
الكتب المصورة المكتوبة بلغة تناسب
الأطفال يتم إخضاعها للتجريب
والاختبار في مدراس الدولة ومن ثم
تعديلها في ضوء تقارير المعلمين
واستجابات الطلبة، ويقوم المعلم أثناء
تطبيق المنهاج بقراءة الدرس بصوت عال
وواضح أمام الطلبة موضحاً ظروف حدوث
القصة وشخصياتها ومعاني المصطلحات
الصعبة، ويشجع الطلبة على اعتبار أن
القراءة الجيدة هي جزء من النجاح وأن
إتقانها خطوة مهمة نحو كتابة رسالة أو
تأليف قصيدة مثلاً.
2-إيطاليا
الاهتمام
بالطفولة المبكرة ( مرحلة ما قبل
المدرسة ):
تلقى
مرحلة رياض الأطفال أي ما قبل المدرسة
اهتماماً كبيراً في إيطاليا، ويعتقد
المربون أن هنالك اختلافات وفروقاً
فردية بين الأطفال وأن برامج المدرسة
يجب أن تبنى على هذه الفكرة، ولذا
فإننا نجد أن غرفة الصف تبدو وكأنها
حديقة مزدانة بالأزهار والنباتات،
فالصور منتشرة في أرجاء الغرفة وهنالك
صندوق مليء بالأزياء المختلفة يستطيع
الأطفال اختيار ما يشاؤون منه.
ويقوم
فريق مشترك
من المعلمين وأولياء الأمور المتطوعين
بوضع مناهج ومواد متنوعة
تناسب قدرات وقابليات
الأطفال وتهدف
إلى تنميتها. ويقوم المعلمون بتنظيم
العمل داخل غرفة الصف بشكل
يهدف لتعليم
الطفل مهارات متعددة تساعد
في فهم
ما يدور حوله وبذا تصبح
الرسوم والنماذج
وسائل لتعلم المواد العلمية كالرياضيات
والعلوم
3-
هولندا
تدريس
الرياضيات الواقعية ( المرتبطة بواقع
الحياة ):
يستخدم في هولندا
أسلوب حديث في تدريس الرياضيات يطلق
عليه الرياضيات الواقعية،بحيث يبدأ
الأطفال بتعلم الحساب باستخدام وسائل
محسوسة كالعصي مثلاً، ثم تساعدهم
الكتب في التعلم كل حسب قدراته، وذلك
للتوصل إلى إيجاد الحلول من خلال تصور
المشكلة والعمل على حلها دون الاعتماد
على حفظ المعادلات.
ويعتمد
أسلوب الرياضيات الواقعية على تدريس
كافة فروع الرياضيات في كل المراحل
الدراسية ولكن من خلال ارتباطها
بمشاكل واقعية تساعد الطالب على الربط
بين ما يتعلمه وما يدور حوله في الحياة
العملية، ويطبق هذا الأسلوب في هولندا
في الصفوف الأولى ثم ينتقل الطلبة في
المرحلة الثانوية والجامعية إلى مواد
أكثر تخصصاً وتقدماً.
تدريس
اللغات الأجنبية:
يعتقد الهولنديون
بأهمية تنمية القدرة على التواصل مع
الآخرين وبخاصة في عالمنا المعاصر
الذي اختصرت فيه المسافات، لذلك فهم
يهتمون بتعليم اللغات المختلفة،
فالمدارس الهولندية تقوم بتدريس
طلبتها اللغات الإنجليزية والفرنسية
والألمانية في السنوات الدراسية
الأولى ويستمر هذا الاهتمام في
المرحلة الثانوية والجامعية. وبينما
تعد الولايات المتحدة موضوع تدريس
اللغات أمراً ثانوياً، فإن حوالي 95% من
الطلبة الهولنديين يتعلمون اللغة
الإنجليزية لمدة ثماني سنوات
فيتقنونها من حيث النحو أكثر من إتقان
الطلبة الأمريكيين لها وخاصة طلبة
الفئة العمرية (12-18) سنة، وينبع اهتمام
الهولنديين القوي بتدريس اللغات من
اعتقاد
خبرائهم بأن الطفل يتميز بقدرات
وقابليات خاصة تساعده في تعلم اللغات
المختلفة وأنه يجب استغلال تلك
الاستعدادات بالشكل الأمثل.
4-اليابان
الاهتمام
بالعلوم التطبيقية:
باشرت
وزارة التربية والتعليم في اليابان
عام 1989 برنامجها الثالث لإصلاح أساليب
تدريس العلوم والذي نجم عنه تغيير شامل
في المناهج الدراسية للمواد العلمية
التطبيقية.
والهدف الأساس للبرنامج هو إعداد طلبة
يطرحون الأسئلة ويصوغون الفرضيات
ويحاولون إيجاد الحلول لها، لذا فإن
حوالي 25% من اليوم الدراسي في المدارس
الابتدائية يخصص لتعليم العلوم
والرياضيات، وهذا بدوره سيقود إلى خلق
جيل واقعي خلاق ومواطنين فاعلين
ومنتجين اقتصادياً. وقد حققت اليابان
تقدماً علمياً ملحوظاً فغدت من أوائل
الدول المتقدمة تكنولوجياً، فالطلبة
يتعلمون تطبيقات العلوم قبل حفظهم
لمبادئها، حيث يؤمن اليابانيون أن
قوانين ماكسويل للمغناطيسية
الكهربائية مهمة ولكنها لا تساعد
الطالب على إصلاح آلة كهربائية إذا لم
يمارس ذلك عملياً.
5-
الولايات المتحدة
الاهتمام
بالفن كغذاء للروح والعقل معاً:
يهدف
برنامج ( Propel
) للفنون والذي طبق في بيتسبرغ في
الولايات المتحدة إلى مساعدة الطلبة
في تعليم أنفسهم، ويتضمن هذا البرنامج
ثلاث مراحل أساسية للتعلم هي :
الإنتاج، الإدراك، والتأثير.
ويقول
مصمم هذا البرنامج وهو عالم نفس من
جامعة هارفرد، إن المهارات والمواهب
الفنية هي شكل من أشكال الذكاء التي
يجب الاهتمام بتنميتها، وإن الفن غدا
جانباً مهماً في العملية التربوية بعد
أن كان موضوعاً ترفيهياً.
وقد
اهتم البرنامج بثلاثة أنواع من الفنون
هي: الموسيقى، والفن المحسوس،
والكتابة الإبداعية، وقد تعلم الطلبة
كيف يعبرون عن أنفسهم من خلال الفن
وكيف يقومون بحل مشاكلهم وتنمية
أعمالهم، وهذا ما يطلق عليه المربون
بالتفكير الناقد.
التعليم
العالي ( ما بعد الدرجة الجامعية
الأولى ) ماجستير – دكتوراة :
بالرغم
من أن نتائج الطلبة الأمريكيين تأتي في
أدنى القائمة في الاختبارات العالمية
في العلوم، إلا أن طلبة العالم عندما
يرغبون في الحصول على المؤهلات
الجامعية العليا والتخصص في العلوم
والهندسة فإنهم يقصدون جامعات
الولايات المتحدة. وتشير الإحصاءات
التربوية أن حوالي 33.8% من شهادات
الدكتوراة في العلوم والهندسة والتي
منحتها الجامعات الأمريكية كانت لطلبة
غير أمريكيين.
ويمكن
أن نعزو سبب نجاح الولايات المتحدة في
برامج التعليم العالي في المجال
العلمي إلى أن الجامعات الأمريكية بعد
الحرب العالمية الثانية أصبحت مركزاً
للأبحاث والدراسات، مما ساهم في خلق
علماء متميزين لا مثيل لهم في العالم.
وقد نجحت برامج التعليم العالي في
استقطاب الطلبة المبدعين من داخل
الولايات المتحدة وخارجها، ومنحتهم
حرية التفكير والسعي لتحقيق الأهداف
المرجوة، فأصبحت تمتاز بجامعاتها
ومعاهدها الخلاقة التي تعمل جاهدة
لتنمية التفكير الإبداعي لدى الطلبة
من خلال العمل الجاد المتواصل مما جعل
نسبة تسرب الطلبة من هذه البرامج لا
تتجاوز الـ 1% .
6-
ألمانيا
التعليم
الثانوي المهني والتقني:
يرسل
أولياء الأمور في ألمانيا أبناءهم
الطلبة إلى مدارس مهنية وفنية متخصصة
تعمل على إعدادهم للالتحاق بالدراسة
الجامعية وذلك بدءاً من الصف الخامس،
وتبدأ عملية التخصص في أحد المسارات
المحددة في الصف العاشر ويتم ذلك
بأسلوب متميز لا مثيل له في العالم، حث
يرسل الطلبة المتدربون في مهنة ما
للالتحاق بالعمل الفعلي في الأعمال
الحرة ويتلقون برامج تدريبية أثناء
العمل لمدة ثلاث سنوات يتعلمون
موضوعاتهم الدراسية من خلالها،
بالإضافة إلى حصولهم على أجر مادي لقاء
ذلك.
كما أن هذا
المنهج يساعد على دمج أصحاب الأعمال في
عملية التدريب وتحملهم جزءاً من
مسؤولية إعداد هذه الكوادر البشرية
للمستقبل.
تأهيل
المعلمين وتدريبهم:
يعد
نظام الحوافز المطبق على المعلمين في
ألمانيا من حيث الراتب المجزي والضمان
الاجتماعي من أهم العوامل التي ساهمت
في جذب الكثيرين لهذه المهنة. كما أن
برامج تأهيل المعلمين وتدريبهم
المتميزة ساعدت بدورها في جذب العديد
من الطلبة لامتهان التدريس، فالمعلمون
في ألمانيا يحصلون على تأهيل أكاديمي
في فرعين رئيسيين إضافة إلى التحاقهم
بدورات أساليب التدريس وإدارة الصف.
وقد أدى هذا بمجمله إلى زيادة العرض
على الطلب فيما يتعلق بحاجة السوق
الألمانية من المعلمين مما جعلهم
ينتظرون دورهم للحصول على الوظيفة
التعليمية.
7-
السويد
تعليم
الكبار والتدريب المهني:
يؤمن
السويديون بالتربية المستمرة والتعلم
مدى الحياة وبأنه لا يوجد نهاية
للمستجدات التي يمكن تعلمها، وتتحمل
الحكومة السويدية حوالي 40% من نفقات
تعلم الكبار وبرامج التدريب المهني.وبالرغم
من ارتفاع هذه التكلفة فإن اتباع هذا
المنحنى أفرز للمجتمع أفراداً فاعلين
قادرين على خدمة مجتمعهم، حيث أن حوالي
70% من الأفراد الذين يلتحقون ببرامج
التأهيل والتدريب المهني يجدون
أعمالاً ووظائف خلال ستة أشهر من
إنهائهم لهذه البرامج.
المراجع:
The Best Schools in the
World, Newsweek -
December 2، 1991. P. (38-48).
عودة
|