الصفحة الرئيسة <غرفة المعلمين<رف المقالات

كتاب ومؤلف



كتاب منهج التربية الإسلامية لمؤلفه الأستاذ محمد قطب
عرض وتلخيص: محمد فضل الله العزام

كتاب ( منهج التربية الإسلامية ) لمؤلفه الأستاذ محمد قطب، نشرت الطبعة الثانية منه دار القلم بالقاهرة عام 1972، وهو يقع في (294) صفحة من الحجم المتوسط.

يبدأ مؤلف الكتاب بتحديد الهدف الذي ينشده، والذي يتلخص في أن هناك منهجاً إسلامياً للتربية وأن هذا المنهج موجود في القرآن، له سماته الخاصة، ولم يكن مجرد توجيهات تربوية متناثرة في سياق الآيات، وإنما هو منهج شامل متكامل كل جزئية فيه مقصودة، وكل كلمة فيه بحساب!

ثم مهد المؤلف لكتابه بطرح موضوع "الوسائل والأهداف" ، إذ عد هذا الموضوع مدخلاً للكتاب وذكر أن الوسائل هي الأدوات لتحقيق الأهداف، ولا يمكن لنا أن نفصل بينهما، فلكل عمل هدف، ولا بد لكل هدف من وسائل تعين في تحقيقه. وهدف منهج التربية الإسلامية هو إعداد المواطن الصالح، ووسيلته إلى ذلك هي أن يرد الناس إلى خالقهم، ويصلهم به مباشرة بلا حواجز أو حدود. وهو بهذا يخالف كل النظم الأخرى التي انقسمت إلى فريقين: فريق يصل الناس بخالقهم ليتركوا الأرض ومتاعها، وفريق يصل الناس بالأرض فيستمتعون بها ويتركون الله.

وبعد ذلك شرع المؤلف بذكر خصائص المنهج الإسلامي وشرحها، وذكر أن  طريقة الإسلام في التربية هي معالجة الكائن البشري كله معالجه شاملة:  جسمه وعقله وروحه، حياته المادية والمعنوية، وكل نشاطه على الأرض، يأخذه على ما هو عليه، بفطرته التي خلقه الله عليها. ومن الجميل أن المؤلف شبه هذه الفطرة بآلة موسيقية ذات أوتار فقال: " يتناول – أي المنهج الإسلامي هذه الفطرة في دقة بالغة فيعالج كل وتر فيها، وكل نغمة تصدر عن هذا الوتر، فيضبطها بضبطها الصحيح  وفي الوقت ذاته يعالج الأوتار مجتمعة، لا يعالج كلاً منها على حدة فتصبح النغمات نشازاً لا تناسق فيها، ولا يعالج بعضها ويهمل البعض الآخر فتصبح النغمة ناقصة غير معبرة عن اللحن الجميل المتكامل الذي يصل في جماله الأخاذ إلى درجة الإبداع".

وأولى خصائص المنهج الإسلامي التي أوردها المؤلف في كتابه هي الدقة والشمول: فالدقة تناولت كل جزئية على حدة، والشمول تناول العقل والروح والجسم – المحسوس وغير المحسوس – وتلك و لاشك ميزة للفلسفة الإسلامية، إذ أن استغلال هذه الطاقات مجتمعة يحدث توازناً في داخل النفس وواقع الحياة على حد سواء كما أشار المؤلف. 

ويضيف المؤلف أن من خصائص هذا المنهج كذلك: الإيجابية السوية والواقعية المثالية، إذ يسعى هذا المنهج إلى جعل الفرد يتحول إلى طاقة إيجابية عاملة في واقع الحياة، يعرف حدود طاقته، ويعرف مطالبه وضروراته، ويعرف ضعفه إزاء المغريات، فيساير فطرته في واقعها، ويتفوق على نفسه، ويرتفع على الواقع ليبلغ المثال.

ويخلص المؤلف إلى أن المنهج بتلك الخصائص هو منهج عبادة، والعبادة هي الصلة الدائمة بالله، وهي تشمل الحياة، وتدفع القلب للرجوع دائماً إلى الخالق، وهو ليس كغيره من المناهج التي تربط القلب البشري ببقعة من  الأرض أو بفرد من الناس، أو بأسطورة من الأساطير، وإنما تربطه دائماً بالله، تربطه بفضائل إنسانية دون تنسك أو ترهبن، مستدلاً على ما تقدم بالعديد من الآيات القرآنية.

بعد ذلك عرج صاحب الكتاب إلى الطريقة التي يتبعها الإسلام في ربط القلب البشري بالله، والتي حددها في ثلاثة عناصر: تربية الروح، وتربية العقل، وتربية الجسم.
وقد بدأ بتربية الروح، ولهذه البداية مغزى، فهي – من وجهة نظره -  طاقة عجيبة، تنشئ الواقع المادي وتشكل ظروفه، تهدم وتبني، تثبت وتمحو، وهي الجوهر الحق، والمادة مجرد كساء، ويظهر كيف اعتنى الإسلام بتربيتها، في حين أهملها الماديون في العصور الحديثة لعجزهم عن إدراك كونها، فهم يؤمنون بكل ما هو محسوس، و الروح لا تدركها الحواس،فهي إذاً غير موجودة ! ونسي هؤلاء أنها هي الوسيلة الوحيدة للاتصال بالله، لكونها مهدية إليه بفطرتها، وهي أكبر طاقات الإنسان وأعظمها، وأشدها اتصالاً بحقائق الوجود، وهي ليست كطاقة العقل أو الجسم، فطاقة  الجسم محدودة بكيانه المادي وبما تدركه الحواس. وطاقة العقل محدودة بما يعقل، ومحدودة بالزمان والمكان، ومحكومة بالفناء.

ويحاول المؤلف هنا أن يرد على المذاهب " الواقعية " التي أطلق عليها لقب: " المنحرفة" والتي تؤمن فقط بكل ما هو واقع ومحسوس. وتنسى – بحكم التعود- أن كل شيء حولها آية للقدرة المبدعة الخالقة : فالليل والنهار، والشمس والقمر، ونظام الكون المذهل في دقته، والزمن بحد ذاته، كلها آيات الله في الكون! ولكنها ولطول الاعتياد عليها أصبح الإنسان يمر بها دون وعي أو تفكير.

ويقول: إذا كنا نظن أن التخاطب عن بعد أو عملية الإدراك أو عملية التذكر هي عمليات "محسوسة" ، ومن أجل ذلك نؤمن بوجودها الواقعي فنحن مخطئون، فهي في الحقيقة ليست محسوسة في ذاتها، وإنما نحن ندرك نتائجها، ووضوح الإحساس بنتائجها هو الذي أغرانا بذلك الظن الخاطئ، كما أنه هو الذي أدخل في وهمنا أننا " نعرف " كيف يتم الإدراك وكيف يتم التذكر، أما الحقيقة فهي أننا لا نعرف كنه هذه العملية ولا تلك، ونكتفي منهما بالنتائج التي ندركها الحواس، ولو تدبرنا الأمر لوجدنا الطاقة الروحية كذلك!

ويخلص مؤلفنا إلى القول: أن منهج الإسلام يستمد كل ألوان التربية من تلك القاعدة الروحية، كأنما يستنبتها نباتاً من تربة الروح، فتخرج مشعة بإشعاعها، متأرجحة بأريجها العذب.

أما العقل فقد ذكر المؤلف أنه طاقة من أعظم طاقات الإنسان، ونعمة من أعظم نعم الله، ربّاه الإسلام كما ربى الروح، يتدبر نواميس الكون ، ويتأمل ما فيها من دقة وارتباط، يبتعد عن التقليد والظن، ويتثبت من كل أمر قبل الاعتقاد به، فلا يأخذ الأمور اعتباطاً بل يحاكمها للوصول إلى الحقائق، ويتأمل، وتأملاته لا تنتهي ولا تنفذ، يمزجها القرآن بنداوة الروح فتنبض،  وتسري الحياة إليها فتهز القلب البشري وتربطه بالله، بخلاف الفلسفات التي سارت في ذهنيات مجردة جافة لا تنبض بالحياة  ولا تصل إلى غاية .

وهذا التأمل ... ليس مقصوداً لذاته، وليس مقصوداً به أن يصبح فلسفة من الفلسفات  التي سارت في ذهنيات مجردة جافة لا تنبض بالحياة ولا تصل إلى غاية إصلاح القلب البشري، ثم يقول : أنه حين يقيس الإنسان هذا اللون من التوجه للطاقة العقلية في تدبر حكمه الله وتدبيره بالفلسفة قديمها وحديثها، يدرك في الحال عظم الفرق، وشمولية المنهج في تربية العقل البشري.

 

تابع 

 

ارسل الخبر لصديق
ليعرف صديقك من اختار له الخبر
لطباعة الخبر