القصائد التي تعجبني

 

لكل شيء إذا ما تم نقصـــــان

 

فلا يغر بطيب العيش إنسـانُ

 

هي الأمور كما شاهدتهـا دولٌ

 

من سرَّهُ زمـــنٌ ساءته أزمانُ

 

وهذه الدار لا تُبقي على أحــد

 

ولا يدوم علـــى حال لها شانُ

 

يمزق الدهر حتمًا كل سابغـةٍ

 

إذا نبت مشرفيات وخرصــانُ

 

وينتضي كل سيف للفناء ولـو

 

كان ابن ذي يزن والغمدغمدان ُ

 

أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ

 

وأين منهم أكــــــاليلٌ وتيجـانُ

 

وأين ما شـاده شدَّادُ فـــي إرمٍ

 

وأين ماساسه في الفرس ساسانُ

 

وأين ما حازه قارون من ذهـب

 

وأين عادٌ وشدادٌ وقحـــــــطانُ

 

أتى على الكل أمر لا مرد لــه

 

حتى قضوا فكأن القوم ما كــــــانوا

 

وصار ما كان من مُلك ومن مَـلك

 

كما حكى عن خيال الطيفِ وسـنانُ

 

دار الزمان على دارا وقاتلــــه

 

وأمَّ كســــــــــــــرى فما آواه إيوانُ

 

كأنما الصعب لم يسهل له سبــبُ

 

يومًا ولا مَلك الدنيــــــــــــا سليمانُ

 

فجائع الدهر أنواع منوعـــــة

 

وللزمـــــــــــــــان مسرات وأحزانُ

 

وللحوادث سلوان يهونهـــــــا

 

وما لما حل بالإســـــــــــلام سلوانُ

 

دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء لـــه

 

هــــــــــــــــوى له أحدٌ وانهد ثهلانُ

 

أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ

 

حتـــــــــــى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ

 

فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيــةٍ

 

وأين شــــــــــــــــاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ

 

وأين قرطبةٌ دارُ العــــــلوم فكم

 

من عـــــــــالمٍ قد سما فيها له شانُ

 

وأين حمصُ وما تحويه مـن نزهٍ

 

ونهرهـــــــــــا العذب فياض وملآنُ

 

قواعدٌ كنَّ أركــــانَ البلاد فما

 

عســـــــى البقاء إذا لـــــم تبقَ أركانُ

 

تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ

 

كما بــــــــــكى لفراق الإلف هيمانُ

 

                                                                                   

...رثاء أندلسٍ...

لأبو البقاء صالح بن يزيد بن صالح بن موسى بن أبي القاسم بن علي بن شريف الرندي الأندلسي

(  601- 684هـ )

الموافق

(  1204- 1285 م )    

مـن أبناء (رندة) قرب الجزيرة الخضراء بالأندلس وإليها نسبته. وهو من حفظة الحديث والفقهاء. وقد كان بارعا في نظم الكلام ونثره. وكذلك أجاد في المدح والغزل والوصف والزهد. إلا أن شهرته تعود إلى هذه القصيدة  التي نظمها بعد سقوط عدد من المدن الأندلسية. 
 

 المسموعة

قصيدةابن الرندي في رثاء الأندلس.mp3