القسم الأول >> تقسيم الأخلاق

بسم الله الرحمن الرحيم

  سنتحدث بعد تعريفنا للأخلاق وتميزنا لها عن بقية الصفات

 النفسية الأخرى ، وتميزها عن السلوك ، وبيان علاقتها بها ،

 سنتحدث عن الإجابة عن تسائل يطرح في كثير من الأحيان :

o   هل الأخلاق أمر فطري أم مكتسب ؟

o   وما معنى كونها فطري أو مكتسب ؟

o   وما دلائل ذلك ؟

تقسيم الأخلاق

الأخلاق تنقسم إلى قسمين  :

1- أخلاق فطرية                                2- أخلاق مكتسبة

أولا : الأخلاق الفطرية :

-    تعريفها .

-    أدلة وجودها .

-    حظوظ الناس من تلك الطبائع الخلقية متفاوتة .

-   هناك نصوص نبوية تثبت هذا التفاوت .

 

ثانيا : الأخلاق المكتسبة :

-   تعريفها .

-   إمكانية اكتساب الأخلاقيات .

-  بيان ذلك  مع ضرب بعض الأمثلة التوضيحية  .

-   عرض للنتائج التي يمكن أن نتوصل إليها ،

 وبعض الملاحظات .

أولا : الأخلاق الفطرية :

الأخلاق الفطرية هي أخلاق تظهر على الإنسان منذ بداية نشأته ، ودليل ذلك : 

·       الواقع المشاهد في طبائع بعض الناس .

·       و يؤيد ذلك ما ورد عن النبي e : في حديث أشج عبد القيس عندما قال له النبي e : إن فيك خلتين يحبهما الله : الحلم والحياء ، فقال الأشج : قديما كان أو حديثا ؟ قال : قديما . فقال الأشج : الحمد لله الذي جبلني على خلقين أحبهما الله .

-  حديث ( إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنوا آدم على قدر الأرض ، منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك ، والسهل والحَزْن ، والخبيث والطيب )

حظوظ الناس من تلك الطبائع الخلقية متفاوتة :

هذه الحقيقة مشاهدة  وتكاد أن تكون من البديهيات . فالناس كما تتفاوت حظوظهم الجسدية تتفاوت حظوظهم من الطبائع الأخلاقية والأمثلة على ذلك كثيرة :

نجد مثلا الخوف الفطري عند بعض الناس أشد منه  عند فريق آخر

والطمع الفطري عند بعض الناس أشد منه  عند فريق آخر ، وبعضهم مفطور على سرعة الغضب ، وفريق آخر مفطور على نسبة من الحلم والأناة .

هذه المتفاوتات تلاحظ حتى في الأطفال الصغار الذين لم تؤثر البيئة في تكوينهم النفسي .

وفي أقوال الرسول e ما يثبت ذلك :

منها قول الرسول e فيما رواه الترمذي : ( إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى ، ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء ، والسريع الغضب سريع الفيء ، والبطيء الغضب بطيء الفيء ، فتلك بتلك ، ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب ، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء ، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء ) .

ومنها ما روي عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة ، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوه) 

ومنها ما رواه الإمام أحمد و البيهقي قال : قال رسول الله e  :  ( إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم ) .

 

ثانيا : الأخلاق المكتسبة :

 تعريفها : هي الأخلاق المكتسبة من التعود و التدرب و البيئة ....

واكتساب الأخلاقيات ليس أمرا بعيد المنال أو ضرب من الخيال . وبيان ذلك :

يظهر في استعداد الناس لتعلم أنواع العلوم المختلفة . مع وجود هذا التفاوت إلا أننا نلاحظ :

 

أن حدا ما من الاستعداد لتعلم كل أنواع العلوم موجود عند كل أقسام الناس المتفاوتين في قدراتهم واستعداداتهم . ونظير هذا الاستعداد للتعلم استعداد الإنسان لاكتساب الأخلاق  .

 

   ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك : أسرع الناس استجابة لانفعال الغضب يستطيع بوسائل التربية أن يكتسب مقدارا ما من خلق الحلم . وأشد الناس بخلا وأنانية يستطيع بوسائل التربية أن يكتسب مقدارا ما من خلق حب البذل والعطاء . والمفطور على نسبة كبيرة من الجبن يستطيع أن يكتسب بالتربية مقدارا ما من الشجاعة .... وهكذا .

وفي قول النبي e  ما يؤكد ذلك فعن أبي الدرداء قال قال رسول الله  e  : ( إنما العلم بالتعلم  وإنما الحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه ومن يتق الشر يوقه )

النتيجة التي يمكن أن نتوصل إليها  هي :

أن أية فضيلة خلقية يـمكن للإنسان أن يكـتسب منهـا بالتربيـــة ؛   المقـدار الذي يكـفيه لتأدية واجب السلوك الأخلاقي .

 

 


 

ملحوظة مهمة :

   هذا الاكتساب لابد فيه من أمرين :

أحدهما : اقتران ذلك بالإرادة والتصميم .

ثانيا : وجود الاستعداد الفطري لاكتسابها  .

يوضح ذلك :

أن الأخلاق شأنها في هذا كشأن المهارات الحركية والعضلية ، فالعضو الذي لديه استعداد وقابلية فطرية لاكتساب مهارة من المهارات يمكن أن يغدو بالتدريب والتعلم مكتسبا لهذه المهارات ، والعكس بالعكس . وكذلك اكتساب الأخلاق .

إن اليد تملك القابلية الفطرية لاكتساب صناعة الكتابة والمهارات الفنية المختلفة ، فتدريبها يجدي في تحقيق نسبة من الاكتساب المطلوب ؛ لكن الأذُن لا تستطيع عمل شيء من ذلك .

والأرنب مفطور على الجبن ، وليس لديه استعداد فطري للتدرب على الشجاعة لتكون لديه شجاعة تقارب شجاعة الهر .

وكذلك الأفراد من الناس ، إذا لم يكن أحدهم يملك الاستعداد الفطري لاكتساب خلق من الأخلاق فمن المتعذر اكتسابها بأي وسيلة أخرى .

النتيجة : 

استعداد فطري لاكتساب الأخلاق  + إرادة و تصميم = أخلاق مكتسبة