دور التعليم عن بعد في مجتمع المعلومات


مستقبل التعلّم – التعلّم من أجل المستقبل

 
التعليم  المستقبلي للمجتمع الحالي
لذلك فإنني أعتقد أنه لن يكون من المبالغة التأكيد بأن إيجاد نظام تعليمي قادر على تحضير بشرٍ
للعيش في العالم المتغير هو من المهام الأساسية والعاجلة للمجتمع الحالي .

وهكذا فإن الأسئلة التي تثار : كيف سيكون التعليم بالنسبة للمجتمعات الحالية ؟ ما هي المطالب المتوخاة من التعليم لمساعدة الناس في التأقلم مع الأوضاع الجديدة السريعة التغيّر المتعلقة بحياتهم ؟ ماذا بالإمكان عمله اليوم لتحقيق هذه المطالب بكفاءة ؟ إن الملامح الأساسية لهذا التعليم الآخذ في التطور والقادر على تحضير أناس للعيش في الأوضاع المتغيرة لحياتهم في مجتمع المعلومات ، ستكون شخصيته المنفتحة وعالية الجودة . ماذا علينا أن نفعل لنحقق هذه الأهداف ؟ ومن ضمن الأولويات المتعلقة بإيجاد الأوضاع الضرورية لتعليم عالي الجودة ، فإنني أختار تلك المتعلقة بـِ "تأسيس التعليم" : الإستفادة من العمليات التعليمية وأساليب تعليمية جديدة وتطبيق المعلومات الجديدة وتكنولوجيا الإتصالات للتعليم والتعلّم .

من الجدير ذكره ، أن منجزات التطور الناجح للديمقراطية واقتصاد السوق الخاصة بتحقيق نوع من التجانس ، ما بين الفرد والمجتمع والطبيعة ، تبدو ممكنة فقط على أساس وجود تعليم واسع المدى وأساسي يجعل الناس قادرين على مسايرة التغيرات المستمرة طوال حياتهم. وضمن هذا السياق ، فإن كل من الحلقات الدراسية التي تحتوي على التدريب الأساسي ، وكذلك الحلقات التي تحتوي على التدريب المرحلي بالذات،  تكتسب أهمية فائقة . يجب على هذه الحلقات الدراسية أن تحتوي على أكبر قدر من المعرفة الأساسية ذات الطابع المستقر والدائم والتي تقع في جوهر الصورة العلمية المتوفرة حالياً للعالم على الأسس التي تمكن الطالب من تشكيل وقولبة حضارته العامة والمهنية ، وهكذا فإن الطالب يؤقلم نفسه / نفسها بسرعة لمهام أو وظائف جديدة . وفي الواقع ، فإن المعرفة التي تتضمنها هذه الحلقات الدراسية مصممة لتطوير نظرة عالمية كلّية بالغة الاتساع لدى الفرد مما يجعله يكتسب الدعم في العالم الآخذ في التغيرّ .

وهكذا فإنني أرى أن النموذج التعليمي للتعليم الآخذ في التطور يمكن تعريفه على أنه اتحاد ثلاثي متصل بشكل منطقي : ينطلق (من عالم كلي إلى معرفة كلية ومن خلالها إلى شخصية كلية) .

من التدريس إلى التعليم
أما بالنسبة للاستفادة من أساليب تعليمية جديدة ، فأنا أعتقد أن الصفة المميزة لهذه العملية سوف تكون عبارة عن تحوّل في التركيز
من التدريس إلى التعليم . إن المعلمين اليوم كثيراً ما يستخدمون هذه المصطلحات بشكل استبدالي وكأنها مترادفات تامّة . في الواقع إن التعليم لا يعني التدريس ، ويكمن الاختلاف في نوعية النتيجة التي تم تحقيقها . إن التدريس يتجه نحو نقل معرفة ومهارات معينة ومحدودة . وعلى خلاف التدريس التقليدي ، فإن التعليم يرمي إلى تكوين صورة كلية للعالم ، بالإضافة إلى تمرين العقل المتعدد القدرات على التجاوب بكفاءة مع التعقيدات الجديدة للعالم .

 إن خصوصية ونوعية الأساليب التعليمية الجديدة يجب أن تتضمن قدرة هذه الأساليب ليس فقط على نقل المعرفة إلى الطلاب ولكن على جعلهم قادرين على المحافظة على المستوى الملائم للأفكار والاكتشافات وعلى تطوير مهاراتهم التخطيطية من خلال التعلم الذاتي . يجب أن لا ننسى هنا أن المعرفة الأساسية لا يمكن فهمها بشكل آلي ، كما أنه لا يمكن تمريرها من المدرّس إلى طالب غير نشيط ، لأن هذه المعرفة  تصدر عن الطالب نفسه / نفسها كنتيجة للنشاطات الإبداعية الداخلية عنده . إن هذا الأمر عبارة عن نتيجة للتطور والنظام الذاتي للذكاء الإنساني . ودور المدرّس هو العمل على إيقاظ القدرة على التفكير والمعرفة عند الطالب ، واختراق قدرات الطالب الإبداعية المحتملة، وأن يقدّم للطلاب نماذج للتفكير الكلي .  

مجتمع المعلومات والمعرفة الجديدة
الآن ، نجد أن المتطلبات الاجتماعية والعالم الجديد من حولنا الذي يتشكل من تكنولوجيا المعلومات الجديدة ونماذج العمل تحتاج إلى
معرفة جديدة لمجتمع المعلومات . أما البديل عن المعنى القديم للمعرفة الأساسية (القراءة والكتابة والحساب) فقد أصبح يتضمن إيجاد المعلومات عن طريق البحث في المصادر المكتوبة ، الملاحظة ، الجمع ، التسجيل ، إلخ ... ، بالإضافة إلى التواصل عن طريق وسائل الاتصال المتعددة، والتعامل مع جميع أنواع المعلومات ووسائل الاتصال ،  تصميم الأشياء والأفعال ، وإبداع المقالات باستخدام جميع وسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات المتاحة . وعندما نتحدث عن دور تكنولوجيا المعلومات في التعليم, يجب أن ننطلق من الفهم بأن هذه التكنولوجيا لا تقوم فقط بتسهيل العمليات التعليمية , بل إنها تساعد الفرد كثيراً على رفع قدرته علىالملاحظة والتوقع , كما أنها تزيد القدرة على التفكير لدى الطالب أو الطالبة .

إن هذه الظروف تحتاج من حيث المبدأ إلى أساليب تعليمية جديدة تأخذ في الإعتبار أن تكنولوجيا المعلومات الجديدة هي أنسب من حيث أقلمة التعليم المنظم مع نمط التفكير الذي يعمل بشكل مشترك بدلاً من المفاهيم المباشرة التي تأتي كنتيجة . لذلك فإنه من الخطأ الاعتقاد بأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة ترفع جودة التعليم آلياً . ومن أجل الاستفادة بكفاءة من هذه التكنولوجيا, فإن بعض الحقول مثل علم نفس مستخدمي الكومبيوتر والانترنت , والتعليم المنظم عبر الكومبيوتر والانترنت سوف يتم الخوض فيها وتوظيفها بشكل أفضل من قبل المعلمين .
 

  Copyright © 2001 - 2002 SchoolArabia. All rights reserved الحقوق القانونية و حقوق الملكية الفكرية محفوظة للمدرسة العربية        

main page