الصفحة الرئيسة <غرفة المعلمين<نظريات

نظريات التعلم الحديثة - النظرية الجشطليتية

 

المفاهيم الأساسية:

الجشطلت ( Gestalt ) إن المفهوم الأساسي الرئيسي في النظرية الجشطلتية لا يمكن لسوء الحظ ترجمته إلى الإنجليزية ( والعربية أيضاً) ترجمة دقيقة، وبطبيعة الحال فإن هذا هو سبب بقاء الكلمة الألمانية الجشطلت (Gestalt ) جزءاً من مصطلحات علم النفس الفنية  المستخدمة عالمياً. والكلمة تعني أقرب ما يكون الصيغة  أو الشكل أو النموذج  أو الهيئة أو النمط أو البنية أو الكل المنظم، كذلك  الكل  المتسامي كما استخدمناها  فيما سبق. والجشطلت كل مترابط الأجزاء باتساق أو انتظام أو نظام فيه تكون الأجزاء المكوّنة له مترابطة ترابطاً دينامياً فيما بينها وما بين الكل ذاته أو قل كل متكامل، كل جزء فيه له مكانه ودوره ووظيفته التي تتطلبها طبيعة الكل. والجشطلت هو النقيض للمجموع إذ أن المجموع ليس أكثر من حزمة من الأجزاء أو سلسلة من القطع أو الأجزاء التي قد تكون مشبوكة أو ملصقة بعضها ببعض بطريقة عشوائية.

البنية ( أو التركيب) ( Structure ) : لكل جشطلت بنية متأصلة  فيه وتميزه عن غيره  والحقيقة أن مهمة النظرية الجشطلتية تتمثل في وصف البنى الطبيعية بطريقة لا تشوه أصولها أو كنهها. ومعظم أنواع الجشطلت لها قوانينها الداخلية التي تحكمها.  فبينة الجشطلت النمطي تقوم على طريقة ما بحيث يؤدي تغيير أي جزء من أجزائها إلى تغيرات حتمية، في الغالب، على تلك البنية. أما أجزاء الجشطلت نوع دي 7 (D7 ) ( وهي نغمة مسيطرة تتطلب نبرة جي (G ) الوترية في الموسيقى الكلاسيكية ولذلك تكون مختلقة عن كونها النغمة الثالثة  في وتر ثانوي من نوع أ ( A) أو عندما تكون النبرة التي تعزف عليها القطعة الموسيقية على مفتاح سي.

الاستبصار(Insight): إن تحقيق الانطباع الصادق عن حالة إشكال ما أمر حقيقي من وجهة نظر الجشطلت في التعلم ويتمثل ذلك في اكتساب الاستبصار في البنية التي يكون عليها موقف وفهم ترابط أجزائه وطريقة عمله وكيفية التوصل إلى الحلول المناسبة له. ولن يكون التعلم في صورته النمطية قد تم اذا لم يتحقق مثل هذا الاستبصار.

الفهم (Understanding ): إن الاستبصار هو تحقيق الفهم الكامل للأشياء. ويكون التعلم قد تم حصوله إذا كان هناك استبصار (أو فهم)، والفهم هو الهدف من التعلم.

 

التنظيم( Organization):  تنظيم بنية الجشطلت، أي جشطلت، بطريقة خاصة مميزة وفهم تلك البنية يعني تفهم طريقة تنظيمية. وقد كان تكوين مبادئ التنظيم  الجشطلتية للإدراك إسهاماً رئيسياً لهذه المدرسة، وقد انتقلت هذه المبادىء مباشرة إلى سيكولوجية التعلم. ولما كانت معرفة الجشطلت أو استبصاره تعني أن يكون العارف له مطلعاً على بنيته وعالماً بكيفية تنظيمه فإن مبادئ التنظيم تصبح من الأمور الأساسية لسيكولوجية التعلم تماماً كما هي لسيكولوجية الإدراك.

إعادة التنظيم (Reorganization ): إذا استطاعت الكائنات الحية إدراك وفهم كل موقف جديد بصورة مباشرة وصحيحة وبدون أية مصاعب، فمعنى هذا أنه لا توجد حاجة للتعلم. ولكن الكثير من المشكلات تتم بصورة يصعب عمل أي شيء إزاءها أو  حلها إذا ما واجهناها لأول مرة،بل وقد تبدو المشكلة لأول وهلة غير قابلة  للفهم ولا معنى لها أو أنها غامضة. و لا يصبح الحل ممكناً إلا إذا أمكن التعرف بوضوح على الملامح الرئيسية للمشكلة وظهرت بعض الدلائل التي تجعل من الحل أمراً ممكناً. وهكذا فإن التعلم غالباً ما ينطوي على تغيير إدراكنا الأولي للموقف المشكل وإعادة تنظيم ذلك الإدراك حتى نحقق النجاح، وبذلك نجد الطريق للتعامل مع الموقف. وإعادة التنظيم  في صورته النمطية يعني استبعاد التفاصيل التي لا جدوى من ورائها وتصبح الملامح الأساسية للمشكلة بارزة ونرى المشكلة على حقيقتها بصورة أكثر وضوحاً.

المعنى(Meaning ): إن التعلم الحقيقي لا يتطلب إقامة ارتباطات تحكمية بين العناصر غير المترابطة. بل إن السياق التعلمي النمطي ينطوي على الانتقال من موقف تكون الأشياء فيه لا معنى لها، أو ذلك الموقف الذي يكون فيه التحكم هو القاعدة السائدة، إلى موقف له معنى تكون فيه العلاقات بين الأجزاء مفهومة وتعني شيئاً، فخاصية المعنى أو مفهومه وليس مجرد الارتباط الأعمى هو الذي يمثل السمة المميزة للتعلم الحقيقي.

الانتقال (Transfer): إن الاختيار الحقيقي للفهم هو إمكانية انتقال الاستبصار الذي  تم الحصول عليه إلى مواقف أخرى تشبه في بنيتها الموقف الأول، ولكنها لا تختلف عنه إلا في التفاصيل السطحية. فالتعلم الأعمى القائم على الارتباط من غير المحتمل أن يكون قابلاً للتعميم إلى المواقف الأخرى ذات الصلة أو المشكلات المشابهة. والاستبصار الحقيقي هو الذي ينتقل إلى المجالات المرتبطة  والملائمة.

الدافعية الأصيلة (Intrinsic Motivation):إن تحقيق الاستبصار من أهم أشكال المكافأة الأصيلة في جميع التجارب. وهذا يعني أن اكتساب الفهم أو الكفاءة يمثل أهم أشكال هذه المكافأة ومن هنا فإن استخدام المكافأة الخارجية و أشكال التعزيز غير المرتبطة ارتباطاً مباشراً ومتداعياً بالعمل المحدد ذاته الذي نتعلم عنه شيئاً أمر يبغي عدم تشجيعه وإيقافه. فالدافع الأصيل لمحاولة عمل شيء له معنى من شيء جديد كاف في حد ذاته ويؤدي إلى التعلم "ويميزه"، أما الدافع الخارجي فمن المحتمل أن يؤدي إلى التشويش وإلى الاهتمام بشيء لا علاقة مباشرة بينه وبين العمل التعلمي ذاته.

 

مضمون النظرية الجشطليتية  

يعتبر أصحاب هذه النظرية أمثال (كوهلر، وفرتهمير، وكوفكا ) أن التعلم يحدث نتيجة الإدراك الكلي للموقف أو الحالة، وليس نتيجة لإدراك أجزاء الموقف أو الحالة منفصلة.

وكان المنبّه لهذه النظرية ملاحظة كوهلر لقرد، علق له موزاً في مكان عال ووضع  قربه صندوقاً فكان القرد يقفز دون الوصول إلى الموز فلما التفت إلى الصندوق جرّه وصعد عليه، ونال ما أراد، فاكتشف كوهلر بهذه التجربة أن التعلم يحصل بالإدراك الكلي لما يحيط بالموقف عموماً وهو ما يسمى بالتبصر أو الإدراك. 

فالتبصر يحدث عندما يرى الكائن الحي المشكلة ومكوناتها فيربط بها بصلات تحقق له حل المشكلة، وذلك عن طريق إدراك العلاقات الرئيسة للموقف، وهو ما يسمى بالاستبصار، أو ما يفهم ببساطة أنه اكتشاف للعلاقة بين الوسائل والغايات للوصول إلى تحقيق الهدف المنشود.  

وتتوقف القدرة على الاستبصار على النوع الذي ينتمي إليه الكائن الحي وعلى عمره الزمني، والذكاء، واستيعاب الموقف، والخبرات المكتسبة عبر الحياة لهذا الكائن الحي، وعلى القدرة على تنظيم الموقف بحيث تصبح جميع الجوانب اللازمة للوصول إلى الحل في مجال ملاحظة الكائن الحي .

وبشكل عام فإن النظريات السابقة ما هي إلا جوانب عديدة تستخدم جميعها أو بعضها لتفسير عملية التعلم، وإن كان أغلبها ملاحظات فردية، إلا أن استقصاء الأمر يرينا أن المعاناة وطول الدّربة، ودقة الملاحظة وتكرارها للموقف ولظروفه الموضوعية، تنمي الملكات وتستدعي الأفكار وتبدع أفكاراً جديدة من شأنها أن تعدل السلوك، وتضيف إلى الخبرة الإنسانية مجالات واسعة من الفكر والتعلم الشامل.

 

فرضيات النظرية الجشطليتية، وتتخلص بما يلي:

1-    يعتمد التعلم على الإدراك الحسي.

2-    ينطوي التعليم على إعادة التنظيم.

3-    لابد للتعلم أن ينصف ما يتم تعلّمه.

4-    يعنى التعلم بالوسائل والنتائج.

5-    الاستبصار يجنب الأخطاء التافهة.

6-    يمكن للفهم أن ينتقل إلى مواقف أخرى جديدة.

7-    التعلم الحقيقي لا ينسى ( لا ينطفئ).

8-    الحفظ عن ظهر قلب بديل زائف للفهم.

9-    الاستبصار هو مكافأة التعلم به.

    10-   التشابه يلعب دوراً حاسماً في الذاكرة.

   

 

 

 

ارسل الخبر لصديق
ليعرف صديقك من اختار له الخبر
لطباعة الخبر