دور العرب والمسلمين في تقدم العلوم
الجغرافية والخرائط
محمود حسين ملكاوي -
المركز الجغرافي الملكي الأردني
لقد كان
للحضارة العربية الاسلامية دورها ومساهمتها في خدمة الحضارة الانسانية وتطور
العلوم،وان حاول البعض الانتقاص من قدر هذه الحضارة لأسباب لم تعد خافية على احد،
وقد يسأل احدهم عن ميزة تراث الاقدميين كالعرب ومن قبلهم الاغريق وجدوى العناية
والاهتمام بهذا التراث في ظل تحولات العصر وما نشهده اليوم من تقدم مذهل في شتى
المجالات ، وتكمن الاجابة في ان ما خلفه الاقدمون ومنجزاتهم المتتابعة هي التي
اوصلت ومهدت لبلوغ ما وصل اليه الانسان في عصرنا الحاضر، فالفكر البشري يجب ان
ينظر اليه ككائن ينمو ويتطور.
ومن الخطأ ان ننجر الى مقولة ان العرب كانوا مجرد ناقلين
– كما ذكر بعض المؤرخين- بل انهم نقحوا واضافوا مما يدل على الفهم والابتكار. ولست
هنا بصدد سرد المجالات التي برع فيها علماء الحضارة العربية الاسلامية ، ولكن
استعرض هنا جانبا ابدع فيه علماء الحضارة العربية الاسلامية المعنيون وهو"
تطور العلوم الجغرافية وصناعة الخرائط".
لقد ساهم العرب
المسلمون طوال القرون الوسطى بشكل فعال في تطوير صناعة الخرائط والعلوم الجغرافية
، وساعدهم في ذلك امتداد رقعة الدولة الاسلامية التي شملت ارجاء واسعة من
المعمورة، وعوامل اخرى سنأتي على ذكرها، اذ ان العرب المسلمين بحكم فتوحاتهم
ولعوامل تتصل بالتجارة وطلب العلم والحج، وجهوا الكثير من عنايتهم للاتصال بالعالم
الخارجي، واثبتوا انهم مرنون قابلون لمسايرة الحضارات المختلفة والاستفادة منها ،
فوضعوا مؤلفات قيمة وابدعوا فيها ودعموها بالخرائط والاشكال وربطوا الجغرافيا
بالفلك وظهر فيهم جغرافيون زادوا في ثروة البشر العلمية ومنهم ياقوت الذي ما زال
معجمه معتمدا عند الباحثين ومرجعا لهم ، والادريسي الذي كان حلقة الوصل بين
جغرافية الاسلام وجغرافية الافرنج.
وقد يكون من المفيد ان نستعرض سريعا تطور انتاج الخرائط لدى الامم القديمة ولنبدأ من العهد البابلي: حيث تشير المصادر التاريخيةالى اعتبار البابليين اول من وضع اسس فن صنع الخرائط، اذ قام سكان العراق القدامى بتمثيل ظواهر ومعالم سطح الارض الطبوغرافية على الواح مستوية من الطين، واستخدموا الرموز الاصطلاحية ، واهتموا بخرائط تنظيم الري وتثبيت ملكيات الحقول الزراعية والقرى ، فقد وجدت احدى هذه الخرائط التي يزيد عمرها عن 3500 سنة منقوشة على لوح من الطين وهي الان محفوظة في متحف جامعة بنسلفانيا الامريكية، وللبابليين دراسات في رصد النجوم والكواكب ، وانتقلت فكرتهم عن العالم الذي مثلوه على شكل قرص مستدير تحيط به المياه الى الاغريق ثم الرومان وظل هذا الاعتقاد سائدا حتى العصور الوسطى.
اما الخرائط المصرية القديمة فقد كان الاهتمام منصبا
بالدرجة الاولى على بيان مواقع المناجم والمعادن والطرق المؤدية اليها وخاصة الذهب،
وقد يكون السبب في قلة ما عثر عليه من خرائط مصرية قديمة يعود الى ان تلك الخرائط
كانت ترسم على ورق البردى الذي يتلف بسرعة بخلاف الفخار الذي استخدمه البابليون.
ولابد
ان اهتمامات الاشوريين الحربية والفنيقيين في اعمالهم التجارية ورحلاتهم البحرية
الواسعة اعتمدوا على خرائط, وان لم يعثر على اي منها لاسباب قد تعود لسريتها
وبالتالي حفظها في اماكن بعيدة عن متناول اليد. اما في اقصى الشرق/ الصين فقد نشأت
هناك حضارة زراعية قديمة عاصرت تلك الحضارات القديمة في كل من وادي النيل
والرافدين, ومع ذلك لم تتأثر بها في بادىء الامر لبعد المسافة وصعوبة المواصلات ،
وقد ظهرت في الخرائط الصينية القديمة ملكيات الاراضي الزراعية وتنظيم المياه
وتوزيعها وحدود الدولة، ولم يعثر على نسخ اصلية من تلك الخرائط ، بل وجد وصفا لها
في كتب المؤرخين الصينيين ، وبعد ان اصبح الاتصال سهلا بين الشرق والغرب ظهر
التأثير الواضح للكارتوغرافيا" علم رسم الخرائط " العربية على
الكارتوغرافيا الصينية.
اما خرائط الاغريق " اليونان القدماء " فقد تميزت بانها كانت فيها المحاولات الاولى لرسم الخرائط على اسس علمية دقيقة معتمدين فيها على القياسات الفلكية والرياضية في وضع خطوط الطول ودوائر العرض وتحديد المواقع الجغرافية بالنسبة لها، وكان الفيلسوف وعالم الرياضيات الاغريقي فيثاغورس اول من نادى بكروية الارض على اساس فلسفي، ورغم ذلك استمرت خرائط الاغريق بالظهور على شكل قرص دائري تحيط به البحار من كل جانب متأثرين بفكرة البابليين والكلدانيين والتي ورثها عنهم العرب فيما بعد. ومن اهم ما انتجه الاغريق في هذا المجال خريطة العالم المعروف آنذاك مؤلفة من 26 قطعة رسمها بطليموس الاسكندري الذي ولد ونشأ في الاسكندرية بمصر في القرن الثاني الميلادي.
وفي العهد الروماني ورغم توسعهم وانشاء امبراطوريتهم التي
شملت حوض البحر الابيض المتوسط الا انهم اهملوا النواحي العلمية للخرائط وخطوط
الطول والعرض، ومن الخرائط التي اهتم بها الرومان تلك الخرائط التخطيطية او
البيانية للطرق التي تتفرع من عاصمتهم روما مبينا عليها المسافات كما هو الحال في
لوحة " بوتنجر " في القرن
الثالث الميلادي.
وقد استمر تدهور صناعة الخرائط في العصور الوسطى
فاصبح الانساتن الاوروبي خلالها يصور العالم كما تمليه عليه عقيدته الدينية فجعل
العالم على شكل قرص محاطا بالمياه من كل جانب ومركزه مدينة القدس والصليب ورأس
القرص تمثله الجنة الواقعة في اقصى الشرق.
دور العرب
المسلمين في تقدم العلوم الجغرافية وصناعة الخرائط :
لقد كان
عرب الجاهلية يتجولون في بوادي وقفاري شبه الجزيرة العربية ويسافرون الى الشام
صيفا والى اليمن شتاء ، وكانوا يهتدون بالشمس والقمر والنجوم في ترحالهم ، وراقبوا
طلوع ومغيب نجوم معينة واستطاعوا بواسطتها تحديد فصول السنة الزراعية ، الا ان
بزوغ نور الاسلام واتساع رقعة الدولة الاسلامية ادى الى ظهور عوامل دفعت العرب
والمسلمين الى الاهتمام بدراسة الظواهر الجغرافية والاسهاب في وصفها ورسم خرائط
لها ومن هذه العوامل :
اولا) النظام الاداري الجديد في جمع الضرائب والخراج ،
الامر الذي يتطلب معرفة المعلومات الدقيقة عن الحيازات والمحاصيل الزراعية
والصناعية والتجمعات السكانية وتقدير الخراج والضرائب النقدية والعينية.
ثانيا) فتح الطرق ومحطات البريد وضرورة ايجاد بيانات
وصفية وافية لها وتحديد المسافات وظروف السفر
ثالثا) زيادة نشاط الحركة التجارية برا وبحرا نتيجة
لاتساع رقعة الدولة وانتشار الامن ، ولم تقتصرهذه التجارة على ارجاء البلاد
الاسلامية فحسب ، بل شملت كذلك العالم المعروف آنذاك " آسيا ، اوروبا
وافريقيا " .
رابعا)كان للعامل الديني اثره في زيادة حركة الاسفار خاصة
الحج كفريضة على كل مسلم يأتي من كل فج عميق ودعوة الاسلام للتفكر في الكون وفي
مخلوقات الله، وكذلك تحديد مواقيت الصلاة وبداية الصيام ونهايته وضرورة تحديد
اتجاه القبلة وخطوط الطول والعرض.
خامسا)طلب العلم الذي حض عليه الاسلام ، اذ ترك الكثيرون
اوطانهم ورحلوا الى بلاد اخرى طلبا للعلم والمعرفةوالتفقه في الدين.
سادسا)لقد كان لاهتمام كثيرمن الخلفاء المسلمين اثر بالغ
لتنشيط حركة البحث والترجمة وازدهار العلوم ومنها الجغرافية ورسم الخرائط على اسس
علمية، هذا بالاضافة الى توفر الامكانات والظروف الملائمة على مستوى الحكومات
والافراد.
لقد كان العرب
يطلقون على الخريطة اسم " الصورة او المصور الجغرافي " او لوح الرسم،
وجاءت كلمة خريطة متأخرة وهي اشتقاق من اصل اغريقي . ويمكن القول ان اول خريطة
عرفت عند العرب تلك التي امر الحجاج بن يوسف الثقفي عام 89 هجرية القائد قتيبة بن
مسلم الباهلي ان يرسل له بها كمصور او خريطة للمنطقة التي طال حصارها خلال فتوحاته
لبلاد ما وراء النهر . اما المحاولات الاولى الجادة فكانت في بداية العصر العباسي
عندما بدأ الاهتمام يزداد بصناعة الخرائط الدقيقة نسبيا وتمثل سطح المعمورة وتتضمن
الظواهر الجغرافية بمواقعها الحقيقية تبعا لخط طول وعرض كل مكان، وعمل جداول
لمختلف المواقع في العالم آنذاك وكان يطلق على هذه الجداول " الزيجات " وكان الخوارزمي من اشهر
المهتمين بوضعها ، وصنعت بامر من الخليفة المأمون جداول سميت بالزيج المأموني
مدعمة بعمليات رصد فلكي اجريت في كل من بغداد ودمشق ، وتم قياس طول الدرجة الواحدة
من درجات العرض فكانت تقل كيلو مترا واحدا فقط عن تلك التي اجريت في القرن التاسع
عشر ، وقاس الفلكيون كذلك درجة عرض محلة باب الطاق في بغداد فكانت 33 درجة و20
دقيقة شمالا وهي مطابقة للحقيقة والواقع . وتأثر الجغرافيونالعرب باليونان والهند
في اعتماد خط طول اساسي " صفر "، فتارة اعتبروا خط الصفر يمر باقصى
سواحل غرب افريقيا وتارةاخرى اعتبروا خط الصفر هو المار بجزيرة لانكا او سرنديب
وهي ما يعرف بسيلان او سيريلانكا حاليا التي اعتقدوا انها تقع على خط الاستواء ،
وكانت النقطة التي يتقاطع فيها خط طول صفر مع خط الاستواء يطلق عليها العرب " قبة الارض " وتقع عللى ابعاد
متساوية غربا وشرقا ، شمالا وجنوبا .
واهم اثر جغرافي من عصر المأمون ما سمي بالصورة او الخريطة المأمونية التي لم يعثر على اصل لها بل عثر على وصف لها في كتب المعاصرين واستخدمت فيها الاصباغ والالوان لتمثيل مختلف الظواهر.
ويلاحظ
ان الخرائط العربية رسمت بشكل مخالف للخرائط الحديثة من حيث اتجاه الشمال الذي
وضعوه اسفل الخريطة والجنوب في اعلاها، وربما كان السبب يعود لاهمية الجنوب
عندهم باعتباره القبلة، في حين يكون الشرق يسارا والغرب يمينا، وكانت مكة المكرمة
مركز خريطة العالم التي كانت ترسم بشكل مستدير.
ان استناد
الخرائط العربية الى قواعد حسابية ورياضية دقيقة كانت الخطوة الاولى والمهمة في
تاريخ انتاج وصناعة الخرائط ، اما الخطوة الثانية فتمثلت في " اطلس
الاسلام" في القرن الرابع الهجري الذي تضمن وصفا مفصلا لبلاد العالم الاسلامي
آنذاك في خرائط مستقلة الواحدة عن الاخرى بلغ عددها 21 لوحة ويمكن ربطها معا
لتكوين خريطة عامة، وصورت فيها الظواهر الجغرافية من تجمعات سكنية ومراكز حضرية
وسواحل وانهار وغيرها تصويرا هندسيا ، ومن اشهر جغرافيي العرب المسلمين الذين
ساهمو في صنع هذا الاطلس: البلخي، الاصطخري، المقدسي وابن حوقل.
وطاف الاصطخري البلاد الاسلامية ودون اخبار رحلاته في كتابه المعروف " المسالك والممالك " حيث قسم البلاد الى عشرين اقليما، وكل اقليم شمل منطقة جغرافية واسعة ، وكذلك الرحالة الجغرافي المقدسي الذي دون اخبار مشاهداته ورحلاته عام 375 هجرية في كتابه المعروف " احسن التقاسيم في معرفة الاقاليم " ، ونبغ في أوائل القرن الخامس الهجري العالم الفلكي والرياضي المسلم "البيروني" من خوارزم الذي الف عدة كتب باللغة العربية ووضع جدولا كاملا لخطوط طول وعرض معظم المواقع الجغرافية وخريطة كبيرة لنصف الكرة الارضية يظهر فيها مدى اهتمامه بوصف كل ما هو على سطح الارض وبجغرافية البحار والطرق التي تربط الممالك بعضها ببعض ، وهذا ما اكده الرحالة ماركوبولو الايطالي الذي اقر انه اعتمد في رحلاته البحرية شرقا على خرائط ورسومات بحرية لملاحين عرب.
ويمكن اعتبار خريطة الادريسي المولود في سبتة بمراكش عام
493هجرية الخطوة الثالثة في تقدم صناعة
الخرائط العربية والذي طاف
الاندلس وشمال افريقيا وآسيا الصغرى وسواحل فرنسا وانجلترا ونزل في صقلية عند ملكها روجر الثاني الذي اهتم به وقربه اليه لسعة علمه,والف كتابا في الجغرافيا سماه " نزهة المشتاق في اختراق الآفاق " , احتوى على مجموعة من الخرائط بلغ عددها سبعون خريطة, وفي مقدمتها خريطة مستديرة للعالم تمتاز بدقة الرسم , كما تضمن الكتاب وصفا لأحوال البلاد وبقاعها وبحارها وجبالها وانهارها ومزروعاتها وغلاتها وعمرانها والصناعات والتجارة والضائع التي تجلب اليها وتحمل منها , واحوال اهلها وطباعهم ولغاتهم وملابسهم
وكان ذلك عام 548 هجرية الموافق لعام 1154 ميلادية. وقد جاء في دائرة المعارف الفرنسية " ان كتاب الادريسي هو اوفى كتاب جغرافي تركه لنا العرب وان ما يحتويه من تحديد للمسافات والوصف الدقيق يجعله اعظم وثيقة جغرافية في القرون الوسطى " .
* الخرائط في العصر الحديث:
- ساعدت الكشوف الجغرافية الواسعة في القرنين الخامس عشر
والسادس عشر الميلاديين، وإختراع الطباعة إضافة إلى حركة الترجمة الواسعة للتراثين
الإسلامي والإغريقي على مضاعفة الاهتمام بالخرائط ومحاولة رسمها بطرق خالية من
الأخطاء لتفي بالغرض الذي صنعت من أجله.
- واستفاد منها الملاحون بشكل كبير جداً ساهم في وصولهم إلى
المناطق والأماكن المطلوبة بكل يسر ونجاح ومن الملفت للنظر أن الخرائط في القرن
الثامن عشر الميلادي جعل من فرنسا رائدة في هذا المجال، بعد أن ظل الإيطاليون
رواداً لها ردحاً من الزمن.
- لقد تسيدت فرنسا هذه المدارس الأوربية في مجال صنع الخرائط
بعد أن مثلت على جميع خرائطها خطوط الطول ودوائر العرض بشكل دقيق جداً ويعد هذا
الأمر سبقاً علمياً، ثم توالى تطور الخرائط الجغرافية التقني شيئاً فشيئاً حتى
وصلت خرائط القرن العشرين إلى مكانة غير مسبوقة بفضل ما هيأ الله سبحانه وتعالى
للإنسان من وسائل تقنية متطورة جعلته يستخدم أحدث الوسائل وأفضل الأجهزة المتطورة
في ذلك.
- واليوم أصبحنا نرى العالم من خلال صور الأقمار الصناعية ذات
الدقة المتناهية في تصوير الكرة الأرضية وتوضيح أهم المعالم الطبيعية والبشرية
عليها، مصداقاً لقول الحق تبارك وتعالى: ( وما أوتيتم من العلم إلا
قليلاً ) الإسراء - الآية
محمود حسين ملكاوي
0096265345188 (RJGC) /
المركز الجغرافي الملكي الأردني
بعض الاسئلة التي تثار احيانا عن
الخرائط
قد يتراوح الوقت المستغرق لإنتاج خريطة "ما" من اسابع قليلة إلى عدة اشهر في بعض الأحيان وذلك
إعتماداً على مدى تعقيد هذه المهمة ونوع الأجهزة والبرامج المستخدمة وطبيعة
وكثافة المعلومات وحجمها و عدد الأشخاص الذين يعملون على إنتاجها.
تحوي الخرائط الطبوغرافية كماً هائلاً من التفاصيل المتعلقة بالمعالم
الطبيعية والصناعية الموجودة على سطح الأرض . وعلاوة على المعالم المألوفة مثل
الطرق والمباني والأسماء الجغرافية وخطـوط الساحل ، تظهر الخرائط كذلك أنواع
النباتات ومواد سطح الأرض (رمال ، حصى ، سبخة ، رواسب إنتشار الوادي ، صخور)
والمعالم المرتفعة (الأبراج الكهربائية ، ابراج الأتصالات ، المباني العالية)
ومعالم تضاريس الإرتفاعات (نقاط الإرتفاعات ، تظليل التلال ، خطوط الكنتور) .
يتعين جمع وإظهار هذه المعلومات وتحديد مواقعها المناسبة بدقة تتوافق
مع المواصفات المطلوبة ومراجعتها بتأني للتأكد من صحتها من جميع الجوانب وهو الأمر
الذي يستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب مهارة وصبر ، ويمكن فقط طباعة الخارطة عند إكتمال
هذه المهام.
تقليديا تبدأ عملية إنتاج
الخريطة بإلتقاط صور جوية رأسية بإستخدام آلة تصوير مساحية ذات تصميم خاص تحتوي
على عدسة مصنوعة بدقة متناهية ومثبته في اسفل الطائرة ." والجدير ذكره انه
اصبح الان متاحا الحصول على صور فضائية بدقة عالية تتوفر فيها خاصية البعد
الثلاثي( النموذج العددي للارض/ الستيريو) وبالتالي امكانية استخدامها تماما
كالصور الجوية وعمل الخرائط الطبوغرافية بما فيها خطوط الكنتور" . يربط المساحون الميدانيون الصور الجوية بالأرض
عن طريق إنشاء مجموعة من نقاط التحكم الأرضي ( نقاط الاحكام) في حين يقوم المساحون
الجويون بمهمة إجتذاب المعلومات المطلوبة للخرائط من هذه الصور الجوية المتحكم بها
. وهنالك ظاهرة مألوفة ذات صلة بالصور الجوية تتمثل في أن قمم الهياكل المرتفعة
والمعالم العالية تمتد بعيداً عن قواعدها ، ومن الواضح أن هذا الأمر لا يصب في
صالح القياسات الدقيقة نظراً لضرورة أن تتطابق قمم وقواعد هذه المعالم . يستخدم
المساحون الجويون أجهزة خاصة تعطي مناظر رأسية صحيحة ثلاثية الأبعاد تصحح الأطراف
والميلان في الصور وإزاحة هذه المعالم إلى مواقعها الصحيحة بحسب إرتفاعها . تمرر
المعلومات التي جمعها المساحون الجويون إلى رسامي الخرائط الذين يرسمـون ويعطـون
رموزاً لهذه المعلومات حسب المواصفات المطلوبة اذ من الطبيعي ان يكون لكل مقياس
رسم اصطلاحات خاصة به ، بينما يقوم إختصاصيو التصوير الخرائطي والمونتاج والطباعة
بإنتاج نسخة تجريبية لهذه الخارطة لمراجعتها من حيث إكتمالها ومدى دقتها وقيمتها
وذلك قبل البدء بطباعتها آلاف النسخ وهذا يتطلب مشاركة من المساحين الميدانيين في
التحقق من أن الخارطة تعكس بدقة البيانات على الأرض وإضافة أية تغييرات تكون قد
طرأت منذ إلتقاط الصور الجوية، اضافة الى مرور هذه النسخة التجريبية ضمن مراحل عدة
لتدقيقها على يد المتخصصين.
يقوم رسامو الخرائط بإجراء التصحيحات وإضافة أية معلومات حديثة قبل
تمرير الخارطة إلى فنيي إعداد الصفائح ( الزنكات) ليقوموا من جانبهم بتهيئة صفائح
الطبع وإرسالها إلى موظفي الطبع للقيام بطبع مخزون الخرائط النهائية بإستخدام
الوسائل الفنية لطباعة الأوفسيت الليثوغرافية. علما ان تقدما هائلا قد حصل على طرق
انتاج وطباعة الخرائط ، اذ اصبحت طباعة
الخريطة والتحكم بالوانها ومواصفاتها بطريقة رقمية بعيدا عن التجريب والاجتهاد
الشخصي كما كان يحدث سابقا
إن حوسبة واتمتة كثير من العمليات اليدوية التقليدية ساعدت كثيراً في
تقليص الزمن المستغرق لإنتاج الخرائط ، ومع ذلك تبقى هنالك عمليات تستهلك كثيراً
من الوقت لا يمكن أن يقوم بها إلا الإنسان فقط مثل تحديد المعلومات المطلوب
إظهارها على الخرائط وجمع هذه البيانات من الصور الجوية وإجراء المراجعة للتأكد من
أن كل شيء يسير بشكل صحيح.
وخلاصة القول أن إنتاج خارطة ذات جودة عالية لا زالت تعتمد كثيراً
على التدريب والمهارات وخبرة الأشخاص المتخصصين.
نعم . لقد أصبحت عملية إنتاج الخرائط عملية رقمية بالكامل وهو الأمر
الذي يفرض على الأشخاص الذين يعملون في حرفة إنتاج الخرائط هذه الأيام أن يكونوا
مستخدمين أكفاء لإجهزة الحاسب الآلي . يجب أن تكون أجهزة الحاسب الآلي حديثة جداً
من حيث الأداء والسعة وبرامجها عالية التخصص والتعقيد على حد سواء . يسجل المساحون
الميدانيون معلوماتهم مباشرة من أجهزة إستقبال نظام المســح الفضائي وأجهزة المسح
الإلكترونية في سجلات بيانات آلية تقوم مقام القلم والورق .
ويستخدم المساحون الجويون الأجهزة التحليلية والرقمية التي تحل محل
المعدات الميكانيكية لجمع المعلومات من الصور الجوية في صيغة بيانات رقميـة
. يستخـدم رسامو الخرائط أحدث أجهزة الحاسب الآلي مع برامج معقدة خاصة
بالكارتوغرافي ورسم الخرائط لإعداد البيانات الرقمية لتتطابق مع مواصفات الزبائن
وإعداد مناظر ثلاثية الأبعاد للأرض والقيام بمهام نشر الخرائط لإنتاج تشكيلة واسعة
من نواتج الخرائط الورقية والرقمية . يقوم إختصاصيو إستنساخ الصور بتشغيل ماسحة
ضوئية ذات نقاوة ومقاييس عالية جداً لإنتاج تمثيل رقمي للنواتج الورقية (نسخة غير
مطبوعة) وكذلك تشغيل كاتب فيلمي ينتج نسخاً مطبوعة من بيانات رقمية.
نعم . ان امكانية الحصول على صور فضائية عالية الدقة (40 سم / GeoEye1) للاغراض المدنية وبنظام الستيريو للحصول على
البعد الثالث قد اتاح مجالا واسعا ليس فقط في تحديث الخرائط القديمة بل ايضا
لانتاج خرائط طبوغرافية بخطوط كنتورية وبمقاييس رسم كبيرة ( وان كانت كلفة
البيانات قد تكون كبيرة في بداية الامر) ودقة جيومترية جيدة و تحديد التفاصيل
الفعلية لأي معلم وبكفاءة عالية، والمركز
الجغرافي الملكي الاردني يقوم حاليا باستخدام احدث التقنيات الخاصة بالصور
الفضائية والجوية الرقمية في انتاج خرائطه وانشاء النظام الوطني للمعلومات
الجغرافية الذي اخذه المركز على عاتقه وحقق الكثير في هذا المجال ، وهو يسعى دوما
لان تكون المعلومات الاحصائية الديناميكية المتغيرة تتواكب والمعلومات الجغرافية
المستنبطة من الصور الجوية والفضائية على حد سواء
. وقد يكون هذا التطور الهائل بسهولة انتاج الخرائط وخاصة الطبوغرافية منها
باستخدام الصور الفضائية هو على حساب التصوير الجوي التقليدي او حتى الرقمي ، و
يبذل العاملون في المسح الميداني جهوداً كبيرة في متابعة التحقق من المعلومات
المأخوذة من صور الأقمار الإصطناعية، ومع ذلك فان عملية إنتاج الخرائط القائمة على
جودة الصور الجوية ما تزال تشكل مصدراً مهماً لدقة المعلومات لإنتاج خرائط
طبوغرافية ذات المقاييس الكبيرة.
ولا يوجد
هنالك أدنى شك من أن أجهزة الإستشعار عن بعد اصبحت تلعب دوراً كبيراً في عملية إنتاج الخرائط ،على
ان هذا الامر لا يتعدي كونه احد التطبيقات المتعددة للصور الفضائية فهي عنصر حيوي
في الدراسات البيئية والجيولوجية والتصحر واستخدامات الاراضي والتلوث واستكشاف
الموارد الطبيعية وتصنيفات التربة والنبات وتحديد الاماكن المثلى لانشاء السدود
والمنشآت الهامة وغيرها. .
من غير المحتمل ، رغم إمكانية ذلك إحصائياً ، أن تكون هنالك أخطاء في
الخارطة يمكن تقصيها بواسطة جهاز إستقبال المسح الفضائي المحمول يدوياً . لا أحد
يدعي بأن الخارطة تكون صحيحة 100% ، وفي الواقع أنها لا يمكن أن تكون كذلك .
وهنالك حقا العديد من الخرائط تحتوي على بيان يتعلق بدقة المعلومات التي على
الخارطة التي غالباً ما تكون على نحو إحصائي عددي كالقـول مثلاً أن "90% مـن
المعالم التي على الخارطة تقع في حدود 10 أمتار من موقعها الحقيقي" ، وهذا
بالطبع يدل ضمناً على أن ما جملته 10 % من المعالم يمكن أن تقع خارج هذا الإطار .
هناك تغييرات قد حدثت على تفاصيل الخارطة منذ طباعة وتوزيع الخارطة لأول مرة ، ومن
نافلة القول ان الخريطة وهي في مراحل طباعتها النهائية لن تتضمن تلك المعلومات التي
استجدت على ارض الواقع خلال وما بعد هذه المراحل.
ولذلك فإنه من المحتمل أن يكون مستخدم جهاز المسح الفضائي المحمول
يدوياً قد قام بتثبيت جهاز إستقباله بشكل خاطئ نسبياً مع الخارطة التي يستخدمها ،
إذ من المهم جداً أن يتم وضع جهاز إستقبال المسح الفضائي بشكل متطابق مع الخارطة
وخصوصاً نظام الإحداثيات ومراجع الإسناد التابعة له التي يجب أن تكون متماثلة . اذ
ان عددا كبيرا من الطبعات الخاصة بالخرائط تم انتاجها في المركز الجغرافي الملكي
الاردني وفقاً لتكوير ومرجع إسناد النظام الجيوديسي العالمي 1984 (WGS 84)
وإستخدام إسقاط نظام ميركتير المستعرض العالمي (UTM) لإسقاط موقع المعالم من السطح المنحنى الثلاثي
الأبعاد للأرض إلى السطح المستوي الثنائي الأبعاد للخارطة الورقية.وكذلك استخدام
نظام ميركيتور المستعرض الاردني(JTM)
ومع ذلك ، قد يجد المستخدمون
خرائط للملكة الاردنية الهاشمية تستخدم مراجع إسناد ومساقط أخرى مثل مرجع الإسناد
الأوروبي 1950 (ED50)
ومسقط لامبرت المخروطي .و يمكن الحصول على تفاصيل كل خارطة بعينها في
المعلومات الهامشية الموجودة في الخارطة والتي يجب أن تدخل بشكل صحيح في جهاز
إستقبال المسح الفضائي إذا ما أريد ضمان الحصول على علاقة دقيقة بين جهاز إستقبال
المسح الفضائي والخريطةة.
إذا لم يكن بحوزة المستخدمين معلومات محددة عن مرجع إسناد النظام
الجيوديزي العالمي 84 في جهاز إستقبال الأقمار الإصطناعية الخاص بهم فإنه يمكن
إستخدام النظام الجيوديزي العالمي، أو النظام الجيوديزي العالمي 72 (WGS 72) مع عدم
فقدان ا لدقة لكافة المواقع المعنية.
***************************************************************************
اعداد
: محمود حسين ملكاوي
المركز
الجغرافي الملكي الاردني حزيران 2006
دور
الاستشعار عن بعد والصور الفضائية في حماية البيئة والحد من الكوارث الطبيعية
خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون واحسن تنظيمه وتدبيره وجعله في غاية
الدقة والاتقان والاتزان ، قال تعالى: ( الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها ،
ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى، يدبر الامر يفصل الآيات
لعلكم بلقاء ربكم توقنون) صدق الله العظيم- الرعد 2
فقد اخضع الخالق عزوجل هذا الكون بما فيه الارض التي نعيش عليها الى نظام
بيئي محكم للمحافظة على مقومات الحياة فيه ، الا ان تدخل الانسان في كثير من
الاحيان من شأنه الاخلال بعناصر مكونات التوازن البيئي على هذه الارض ، والتدخل
البشري السلبي له عدة صور واشكال كالتلوث ، والمساهمة في تقلص الاراضي الصالحة
للزراعة وبالتالي الزحف الصحراوي على حساب المناطق الزراعية ، وسوء استعمالات
الاراضي ، والتضخم السكاني المتزايد والتوسع العمراني العشوائي غير المنظم ، وانحسار
المسطحات المائية القارية ( البحار والبحيرات المغلقة) واستنزاف موارد المياه
الجوفية الغير متجددة ، والفيضانات وحرائق
الغابات.. وغيرها.
وامام هذه التحديات الخطيرة التي تواجه البشرية ، فان تطور العلوم
والتكنولوجيا الحديثة يمكن ان تساهم الى حد بعيد في الحد من العبث بمكونات عناصر
التوازن البيئي والعمل على حماية البيئة ، اذا ما احسن استخدام هذه التقنيات وتم
الالتزام بخطط واستراتيجيات واضحة قابلة للتنفيذ، الامر الذي قد يسهم في وقف
التدهور والنزيف الحاد في موارد الطبيعة حفاظا عليها لاجيالنا القادمة
وتقنيات الاستشعار عن بعد وانظمة
المعلومات الجغرافية تسهم بشكل فاعل في اجراء البحوث والدراسات المتنوعة والتي من
شأنها المساهمة في حماية البيئة بشكل عام ، اذ يمكن عن طريق تحليل الصور الفضائية
الحصول على المعلومات المتعلقة بكافة المعالم والاجسام والعناصر الارضية وذلك من
خلال تسجيل وقياس الطاقة والاستقطاب للاشعة الكهرومغناطيسية المنعكسة والملازمة
للعناصر والمعالم الارضية والمحيطات والهواء المحيط بالقشرة الارضية ، اذ وجد
علميا ان لكل جسم قيمة اشعاعية تميزه عن غيره ،
وبالتالي فان البصمة الاشعاعية الخاصة بجسم ما تميزه عن باقي الاجسام
، ومن هنا امكن التعرف على ماهية هذه
الاجسام دون التماس بها مباشرة وامكانية تحليل مكوناتها عن بعد.
ويتوفر لدى المركز الجغرافي الملكي الاردني القدرات والامكانات الفنية
والبشرية في مجالات المساحة الارضية والجوية والفضائية وانظمة المعلومات الجغرافية
وانتاج الخرائط لمختلف الاغراض ، ويتابع المركز ما يستجد من تطورات علمية وتقنية
على المستوى العالمي، اذ انه قام مؤخرا بالتوقيع على اتفاقية تعاون مشترك مع احدى
الشركات الالمانية المعروفة عالميا والرائدة
في مجال التصوير الجوي والمساحة الرقمية ، ويقوم المركز الجغرافي بدوره
الوطني في مجال التدريب والتأهيل اذ بدأ مؤخرا وبالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية
المساهمة في مشروع التأهيل الوطني للعاملين في البلديات والذين يزيد عددهم على 23
ألفا ، وتم تخريج الدفعة الاولى في العشرين
من شهر حزيران 2006 . وعليه فان المركز يمكن ان يساهم وبكفاءة في اجراء دراسات
وبحوث في مجالات التلوث والبيئة والموارد الطبيعية وغيرها ، فهو شريك حقيقي في التنمية لكل مؤسساتنا في القطاعين العام
والخاص.
اما بالنسبة لدور الاستشعار عن
بعد وتحليل الصور الفضائية في البيئة وحماية الطبيعة فاننا سنورد هنا بعضا من
الامثلة التي تبين اهمية استخدام هذه التقنيات في هذا المجال الهام والذي له مساس مباشر بحياة الانسان ومن هذه
الامثلة:
أ)انحسار المسطحات المائيةواستنزاف الموارد
الطبيعية:
ومثال على ذلك دراسة قام بها
المركز الجغرافي الملكي في الاردن القت الضوء على التغيرات التي طرأت على البحر
الميت باعتباره منطقة مميزة كوحدة جغرافية طبيعية واقتصادية ومصدرا هاما للمعادن
المختلفة ، بالاضافة الى خصائصه السياحية والعلاجية ، وقد استخدمت في هذه الدراسة
صور القمر الصناعي (لاندسات) عبر السنوات
1964-2002 بتواريخ متباينة وبقدرة تمييزية 30 م، حيث اظهرت الدراسة تناقص مساحة
البحر الميت من 983كم عام 1964 الى 648كم عام 2001
ب) مراقبة المخاطر الصناعية والتلوث:
لقد اعتادت الدول الصناعية على بناء المدن السكنية والصناعية بالقرب من
السواحل، ونادرا ما تتم معالجة مياه الانهار التي تمر بهذه المدن وتصب في البحر،
وتكون محملة بالملوثات وخاصة مخلفات المصانع ، الامر الذي يسبب ضررا بالغا
بالشواطىء والاحياء والبئة البحرية عموما والنباتات الاقليمية المحيطة . وتعتبر
تقنيات الاستشعار عن بعد اداة هامة لدراسة هذه الظاهرة، وبيان مدى تلوث مياه
البحار ومساحات البقع الملوثة ، بل ومراقبتها اولا باول ، كما ان استخدام المبيدات
والاسمدة يضر كثيرا بالبيئة ، الامر الذي
تنبه اليه المعنيون في دول كثيرة من خلال انتاج اسمدة عضوية رفيقة بالبيئة.
ج)مكافحة الفيضانات:
تسبب الفيضانات سنويا خسائر فادحة بالارواح والممتلكات في الدول التي
تتعرض لهذه الكارثة الطبيعية كمناطق جنوب شرق آسيا وخليج المكسيك والولايات
المتحدة الامريكية، اذ ان اعصار (كاترينا) الذي ضرب المناطق الجنوبية للولايات
المتحدة في آب/ اغسطس 2005 وخاصة ولاية لويزيانا خلف اكثر من اثني عشر الف قتيل و
خسائر مادية بعشرات المليارات من الدولارات.
ويمكن انتاج خرائط الفيضانات
وتقييم الخسائر الناجمة عنها بتحليل معطيات الصور الفضائية وتحديد اماكن الفيضانات
والمناطق المنكوبة وسبل الوصول اليها ، وتساعد هذه الخرائط مؤسسات الاسكان وهيئات
الاغاثة والانقاذ على تحديد اماكن الخطر وتفعيل اعمال المراقبة ومعالجة اوضاع
المتضررين.
د) استكشاف الحرائق والمناطق الساخنة:
يمكن استخدام الصور الفضائية وخاصة الحرارية منها لمراقبة البراكين النشطة
والانفجارات والمخاطر الناتجة والمتوقعة عن ثورانها ، فقد تحدث انهيارات صخرية
وترابية ويمكن عن طريق الاستشعار عن بعد الاستدلال على المناطق الجيولوجية
الساخنة، والتي قد تقود الى مخاطر على الانشاءات، فالطرق المقامة فوق مناطق غير
مستقرة او تتصف صخورها بدرجة حرارة عالية يمكن ان تتعرض للدمار. ويمكن بهذه
التقنيات الحديثة استكشاف الحرائق وعمل خرائط لمناطق انتشارها ومراقبة تطورها
واتجاهها وسبل الوصول الآآمن اليها.
ه) مكافحة التصحر:
يعتبر التصحر ظاهرة جغرافية تعمل على تدهور النظام البيئي وتدني القدرة
الانتاجية نتيجة لتدهور الخصائص الطبيعية والظروف والاحوال المحيطة بها نتيجة
اختلال التوازن بين مكونات البيئة الاساسية المتمثلة بالمناخ والغطاء النباتي
والتربة تحت التأثير المباشر لنشاطات الانسان غير الملائمة ، وتعتبر ظاهرة التصحر
من الكوارث الطبيعية في العالم ، فتحول الارض المنتجة او شبه المنتجة الى اماكن
جرداء لا حياة فيها لانسان او حيوان او نبات تعد كارثة بالمعنى الصحيح ، وتهدد هذه
الظاهرة 34% من مساحة اليابسة ، ولهذا تعقد المؤتمرات والندوات العالمية لتدارس
هذه الظاهرة والحد من الزحف الصحراوي ، حيث تم تسخير تقنيات الاستشعار عن بعد في
فهم هذه الظاهرة ومراقبة الغطاء النباتي وزحف الكثبان الرملية ، والمراعي وانجراف التربة ، ونظم الري المتبعة ، والتلوث البيئي والزحف العمراني ، وكل ذلك يتم
من خلال ملاحظة اختلاف كمية ونوعية الاشعة المنعكسة وخاصة في القناة الخامسة من
المساحة متعددة الاطياف في صور الاقمار الصناعية ، اذ ان اللون الاسود يدل على
وجود الخضرة اما اللون الرمادي فيدل على وجود نباتات بحالة صحية غير جيدة وقلة
كثافته الغطاء النباتي ، اما الانعكاسية العالية فتدل على التربة الجرداء ، وهي تختلف حسب مكوناتها سواء اكانت كثبان رملية
او اتربة معرضة للتعرية .
ويمكن تدعيم هذه المعلومات
باستخدام الاشعة تحت الحمراء والتي تعطي صورة واضحة عن الكثبان الرملية وتوزعها.
محمود حسين ملكاوي
المركز الجغرافي الملكي الاردني
حزيران 2006