ما ذنب البخاري..!!
لما وقعت الحرب بين مصر والحبشة في زمن الخديوي إسماعيل، وتوالت
الهزائم على مصر، ضاق صدر الخديوي بذلك، فركب يوما مع شريف باشا وسأله: ماذا تصنع
حينما تلم بك ملمة تريد أن تدفعها ؟
فقال : يا أفندينا ، إن الله عودني
إذا حاق بي شيء من هذا أن ألجأ إلى صحيح البخاري يقرؤه لي علماء أطهار الأنفاس
فيفـرّج الله عني .
فقال الخديوي : كلم شيخ الجامع الأزهر
بهذا . فجمع له شريف باشا من صلحاء العلماء جمعا ، وأخذوا يقرؤون في صحيح البخاري
.. ومع ذلك فقد ظلت أخبار الهزائم تتوالى !! فذهب الخديوي ومعه شريف باشا إلى
العلماء وقال لهم محنقا :
إما أن هذا الذي تقرؤونه ليس صحيح البخاري ، أو أنكم لستم
العلماء الذين نعهدهم من رجال السلف الصالح ، فإن الله لم يدفع بكم ولا بتلاوتكم
شيئا !! فسكت العلماء لذلك ، فابتدره عالم
من آخر الصف يقول له :
" منك يا إسماعيل ، فإنا روينا عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :] لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون
عن المنكر ، أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم [ .. فانصرف الخديوي ومعه شريف باشا ولم ينبسا بكلمة واحدة ..
فجاء شريف باشا بعد قليل يسأل : أين
الشيخ القائل للخديوي ما قال ؟
فقال : أنا .. فأخذه وقام ، فصار
العلماء يودعونه وداع من لا يأمل أن يرجع ، وسار شريف باشا إلى أن دخلا على
الخديوي في قصره ، فإذا به قاعد في البهو ، وأمامه كرسي أجلس عليه الشيخ ، وقال له
: أعد ما قلته في الأزهر ..
فأعاد الشيخ كلمته ، وردد الحديث
وشرحه .. فقال له الخديوي :
وماذا صنعنا حتى ينزل بنا هذا البلاء ؟
قال له : يا أفندينا .. أليست القوانين
قد أباحت الربا ؟
أليس الزنا برخصة ؟
أليس الخمر مباحا ؟؟؟
فكيف ترجو النصر من السماء وأنتم
تنتهكون حرماته على الأرض ؟!!
فقال الخديوي : وماذا نصنع وقد
عاشرنا الأجانب ، وهذه مدنيتهم ؟
فأجابه العالم : إذن .. فما ذنب البخاري !! وما حيلة العلماء ؟؟؟