تحتوي هذه الصفحة على ملخصات البحوث تسهيلا لمن أراد معرفة طبيعة البحث وأهم النتائج التي توصل إليها

مرتبة تدريجياً: الأحدث فالأقدم

 

ملخصات البحوث على ملف وورد:

الجملة في ضوء الخلاف النحوي بين الثبات والتغير word

نيابة (أل) عن المضاف إليه word

التجديد بين القدماء والمحدثين word

 

لقراءة البحوث مباشرة (تجدها أسفل)

 

 

 

 

 

 

*     *     *

 

 

1- الجملة في ضوء الخلاف النحوي بين الثبات والتغير (بحث محكم):

تمت المشاركة بهذا البحث في مؤتمر (العربية بين نحو الجملة ونحو النص) المنعقد في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة بتاريخ 13-14/1/1425هـ، الموافق 22-23/2/2005م، وطبع في كتاب المؤتمر  الثالث للعربية والدراسات النحوية 22-23 فبراير – 2005م، ص 8 - 60.

ملخص البحث:

الحمدُ لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد كانت الجملة ولا تزال منذ ظهور قواعد النحو هي أساس بحثِه، والنحو جهدٌ عقليٌّ مبنيٌّ على السماع والقياس والعلل وغيرها من الأصول التي قعدها النحاة، ولأنّ العقول العلميّة تميل ميلاً شديداً إلى الاصطلاح والتقسيم والنظر إلى الأشياء من زوايا مختلفة، فإنّ الخلاف بينها هو السنّة التي لا يمكن دفعها ولا التغلُّب عليها؛ وإن كان هذا الخلاف يغلب عليه طابعٌ معيَّنٌ في زمنٍ، فالملاحظ أنه يغلب عليه طابعٌ آخر في غيره، على حسب البيئة العلميّة المنتجة له والظروف المحيطة بها، فبعض ما رُدّ سابقاً يقبل اليوم وبعض ما قبل سابقاً يردّ اليوم، وما يقبل اليوم أو يردّ تنعكس النظرة إليه في المستقبل، بل قد يكون القبول والردُّ في زمن واحدٍ وبيئةٍ واحدة.

والمتتبع لأكثرِ القضايا النحوية المختلفِ فيها، سيجد أنها عبر التاريخ النحوي قد مرّت بمراحل من القبول والرفض، إلاّ أنّ الملاحظ أنّ الجملة ظلّت هي الجملة واللغة هي اللغة، فالخلاف النحوي لم يؤدِّ إلى ضياع معالم الجملة أو اللغة، بل حفظهما، على الرغم من أنّ الخلاف قد طال كلّ شيءٍ تقريباً بدءاً بمفهوم الجملة، وانتهاء بما  يجوز وما لا يجوز من تراكيبها؛ على أنّ كثيراً من خلافات النحاة ظلّت خلافات شكليّة لا تزيد على أن تكون صراعاً عقليّاً لم يمسّ جوهر الجملة ولا اللغة.

ويرجع الخلاف بين النحاة إلى عدّة عوامل منها ما هو نزعةٌ فرديّة تكلِّلُ جهداً علميّاً ورغبةً في وضع الأمور في نصابها كما يعتقد النحوي، ومنها ما هو عصبيّةٌ لمذهب ما، إمّا بحكم القناعة بأصول المذهب أو القناعة بوجاهة رأيه في مسألة  فرعيّة معيّنة، أو القناعة بوجاهة القائل، ومنها ما هو بتأثير عقدي أو سياسي أحياناً، ومنها إمعان بعض النحاة في الصناعة مما أدَّى بهم إلى ردّ نصوصٍ وتأويلِ أخرى، والدخولِ في تقديراتٍ لم يقبلها آخرون، وإمعانُ آخرين في الواقعية اللغوية مما حدا بهم إلى قبول كلّ أو أكثر ما يصل إليهم، وبين هؤلاء وهؤلاء نحاة توسّطوا، إلى آخرِ عواملِ الخلافات، وهذا أنتج لنا خلافاً نحويَّاً، بعضه مفيدٌ للغة؛ حيث حفظ كثيراً من صورها الواقعية والقياسية، وبعضه مفيدٌ في فهم قوانين اللغة، وبعضه مفيدٌ للعقل؛ حيث أتاح له دربةً لا تنعدم الفائدةُ معها، وتظلُّ البيئةُ اللغوية هي الأساس، فعلى سبيل المثال نجد أنّ كثيراً مما يردُّه البصريُّون على الكوفيين إنّما يردُّونه بناء على أنّهم نقلوه من بيئة غير صالحة لغويّاً، وهذه مسألة يجب عدم إغفالها.

ومن الملاحظ: أن عددا لا بأس به من تلك الخلافات لا يوجد له ما يَسْنُده في كتب أصحابه، فكم من قول منسوب إلى الأخفش في كتب النحاة يوجد في معاني القرآن ما يناقضه، وكذلك المبرّد والزجاج والفارسي وغيرُهم، فالخلاف النحوي بحاجةٍ إلى مراجعةٍ من حيث صحّة نسبة الآراء، كما يحتاج إلى فصلٍ بين الخلافِ الذي له أثرٌ في الجملة ويستند إلى دليلٍ والخلاف الذي لا أثر له أو لا يستند إلى دليل.

وسأحاول في هذا البحث - إن شاء الله – تسليطَ الضوء على جملة من المسائل الخلافية، بعد وضعها في إطارها، مستهدفاً بيان أثرها في الجملة من عدمه، وليس الغرضُ استيعابَ كلّ شيءٍ، ولا نصفِه، ولا رُبعِه، ولا استقصاءَ مسائلِ الخلاف؛ فإنّ ذلك كلَّه شيءٌ كثير، يخرج عن غرضي من البحث. وقد جعلت البحث في ستة مباحث:

المبحث الأول: مفهوم الجملة.

المبحث الثاني: السماع والقياس.

المبحث الثالث: العامل.

المبحث الرابع: العلامة الإعرابية.

المبحث الخامس: نظم الجملة.

المبحث السادس: تحقيق الخلاف.

توصيات البحث:

1-مراجعة الخلافات النحوية مراجعة كاملة، وتوثيق الخلاف والقائلين به أولاً، وبيان قيمته ثانيا من حيث أهمية المخالف وحججه، وفائدة الخلاف، وأخيراً الترجيح بين الأقوال، وحبذا لو كانت هناك جهة تتولّى هذا الأمر وتضعه بين دفّتي موسوعة.

2-مراجعة شاملة لأصول النحو، خاصّة السماع والقياس، والنظر فيها من جميع الاتجاهات، فأسلافنا - عليهم سحائب الرحمة - استقرؤوا اللغة كما تيسر لهم، ووضعوا قواعد قياسها وضبطها، فعلينا أن نستوفي جُهدهم، ونستدرك ما فاتهم، خاصة أنّ نصوص اللغة ومقاييسَها متيسرةٌ لنا محفوظةٌ في تُراثنا.

العودة إلى مصادر النحو الأولى، قراءةً وفهما وبحثاً، وعلى وجه التحديد كتاب سيبويه ومعاني القرآن للفراء؛ لأنّ كثيرا من الخلافات تُنسب إلى هذين العلمين أو إلى بلديهما البصرة والكوفة، ويمثل كتاباهما خلاصة استقرائهما واستقراء من سبقهما، وجلّ من جاء بعدهما إنّما يبني عليهما، بتصريح أو بغير تصريح، كما أنّ المقارنة المستوعبة بين الكتابين ستظهر فوائد كبيرة؛ فعلاقة الدارسين بهذين الكتابين لا تزال ضعيفة، وما خرج إلى الآن من دراسات حيالهما على الرغم من أهمّيته، لا يزال قليلاً.

 

 

*     *     *

 

 

2- نيابة (أل) عن المضاف إليه (بحث محكم):

الجهة المحكمة: جامعة عين شمس، مجلة كلية التربية، القسم الأدبي، المجلد التاسع، العدد الأول،  2003، ص 2-40

إنّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُه ونستهديه، ونعوذُ باللهِ من شرور أنفسنا، ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله صلّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه  وسلّم تسليماً كثيراً طيِّباً مباركاً، أمّا بعد:

فإنّ نيابةَ (أل) عن المضاف إليه، سواء كان مضمراً أو ظاهراً، من المسائل التي اختلف فيها النّحاة، اختلافاً بيّناً، فمنهم من أوجب ذلك في عددٍ من الصور، وبعض هؤلاء قيّدوا ذلك بشروطٍ، ومنهم من أجازه، وقدم مذهب المخالف عليه، ومنهم من منعه وخرج ذلك على حذف الضمير وحرف الجرّ.

وكما اختلف النحاة في نيابة (أل) عن المضاف إليه، اختلفوا في المضاف إليه، فمنهم من قصره على ضمير الغائب، ومنهم من أضاف  إليه ضمير الحاضر، ومنهم من أضاف إليه الاسم الظاهر.

وتناول الخلاف نسبة الآراء، فمنهم من يجعل المسألة من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، ومنهم من ينكر أن تكون من مسائل الخلاف، ومنهم من يُفصِّل، ورأيت عدداً من المعاصرين كأنّهم قد سلّموا بأنها من مسائل الخلاف.

ولأنّ هذه المسألة يعرض لها النحاة في أبواب عديدة، كباب البدلِ، وباب الحال، وباب إعمال اسم الفاعل، وباب الصفة المشبّهة باسم  الفاعل، وباب الإضافة غير المحضة، كما وردت عند إعرابهم لبعض آيات القرآن  الكريم، لهذا كلِّه رأيتُ أن أبحث هذه المسألة، واستعنت الله وهو خير معين.

ويُعبِّر النّحاة عن هذه المسألة بنيابة (أل) عن الضمير، وبمعاقبة (أل) للضمير، وبإبدال (أل) من الضمير، فالنيابة والمعاقبة والبدل هنا شيءٌ واحدٌ، ولأنّ من النحاة من تجاوز الضمير إلى الاسم الظاهر فقد اخترت عنواناً شاملاً للاثنين.

وقد جعلت هذا البحث في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: في آراء النحاة في نيابة (أل) عن المضاف إليه.

المبحث الثاني: في المضاف إليه الذي تنوب عنه (أل) في رأي القائلين بالنِّيابة.

المبحث الثالث: في حجج القائلين بالنيابة، وحجج المخالفين.

المبحث الرابع: في أثر الخلاف في التأويل.

الخاتمة:

نخلص من خلال البحث إلى:

1- أنّ القول بنيابةِ (أل) عن المضاف إليه، خاصة الضمير، ليست مما يختصّ به النحو الكوفي، وأنّ المسألة عند التحقيق ليست من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، وأنّ أوّل من خالف فيها وقدَّر ضميراً محذوفاً بدلاً من القول بنيابتها هو أبوإسحاق الزجاج، وأمّا سيبويه فظاهر نصّه مع النيابة، وعلى ذلك شرحه الرمّاني، وهو بصري، كما أنّ القول بنيابة (أل) هو اختيار عددٍ من محققي النحاة كابن الطراوة وابن خروف وابن مالك، وهو القول الذي تلوحُ قوَّته عند التحقيق؛ لقوَّة أدلَّته، ولبعده عن التقدير والتكلف.

2- أنّ الخلاف ليس فقط في نيابة (أل) وإنّما في المضاف إليه، فمنهم من سكت عنه، ومنهم من حدده بالضمير، على تفصيل، ومنهم من تجاوز إلى الاسم الظاهر.

3- أنّ دعوى الخلاف بين البصريين والكوفيين في عدد من المسائل بحاجةٍ إلى مراجعة، وكذلك ما يُنسب إلى بعض النحاة تَبيَّن أنّه ليس على إطلاقه، فأبوعليّ الفارسي على سبيل المثال يبدو من خلال نصوص كثير من النحاة  في صورةِ من يخالف في نيابةِ (أل)، والحقيقة لا تعدو أنه يقدم قولاً على قول، وفي موضع أو مواضع بعينها.  وأرى أنّ كثيرا من الأقوال المنسوبة للنحاة بحاجةٍ إلى مراجعةٍ، خاصةً أنّ مصادرَ كثيرٍ منهم بين أيدينا اليوم، وقد تيسر لنا مالم يتيسر لمن قبلنا، ولله الحمد.

4-  أنّ الخلاف في نيابة (أل) ليس خلافاً لفظيَّاً، فقد استفاد منه الزمخشري وابن طلحة وأبو حيَّان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

 

*     *     *

 

 

3- التجديد بين القدماء والمحدثين:

ألقي في مؤتمر (اللغة العربية أمام تحديات العولمة) المنعقد ببيروت من 13-14/2/1424هـ.

وينظر هذا البحث في مدى الحاجة إلى التجديد، وأهداف التجديد، والفرق بين القدماء والمحدثين في التجديد، والمنهج المناسب لثقافتنا العربية والإسلامية وواقعها الحاليّ والمستقبليّ.

ملخص البحث:

لا شكّ أن الحاجة إلى التجديد مطلبٌ مستمرٌّ وسنّةٌ عقليّةٌ غير مدفوعة، ونحن في زمنٍ تسارعت أيّامه، وتقاربت أماكنُه، وأصبح التأثر والتأثير بعد أن كانا ممكنين، لازمين لا يمكن الفرار منهما، وإن استطاع فردٌ أن ينكفئ على نفسه، فإن المجتمع غير قادر، واللغة أداة تواصل الجميع، والمعبرة عن فكرهم الجمعيّ، وهنا تكمن المشكلة، وهي أننا أمّةٌ متأخرةٌ في مجالاتٍ شتّى بعد أن كانت متقدّمة على جميع الأمم، ولهذا فإنّ فكر الأمة الجمعي يعاني من صراعٍ بين ماضٍ متقدّم وحاضرٍ متأخر، فلأيّ الجهتين تنحاز الأمة؟ وبأيّ لغة تتكلّم: بلغةِ الماضي المتقدم أم بلغة الحاضر المتأخر؟

في استفتاء أجرته جامعة الملك سعود في موقعها على الشبكة العنكبوتية أوضح أن ما نسبته 45% يرون أن اللغة الإنجليزية هي اللغة المناسبة للتدريس الجامعي، بينما يرى 23% أن اللغة العربية هي المناسبة، ويرى 32% أن التعليم باللغتين هو المناسب، وقد شارك في الاستفتاء (6742) شخصاً إلى حين اطّلاعي عليه.

وقد بيّن بعض المؤيدين للغة الإنجليزية أنّ (الإنجليزية أفضل لتواجد الكتب القوية بعكس العربية)، ورأى آخرون أنه يجب الاهتمام بالتعريب للخروج من هذا المأزق.

هذا واقع فكريّ نعيشه، بغض النظر عن نوعية المشاركين في الاستفتاء، ومدى قدرتهم على التقييم.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل نعاني نحن من اللغة أم اللغة تعاني منّا؟ إنّ اللغة العربيّة استطاعت أن تكون ناقلاً للفكر فيما مضى، فهل عجزت اليوم أم عجز الإنسان؟  وهل نحن بحاجة إلى تجديد اللغة أو استبدالها؟

حينما وضع علماء النحو الأوائل النحو وضعوه بناء على واقعٍ لغوي عبارة عن نصوص استقرؤوها، وليس عبارة عن لغةٍ يتكلمون بها، هدفهم كان المحافظة على كيان الأمة وتراثها، فما هو هدفنا اليوم؟

لا يخالجني شخصيّاً شكٌّ في أنّ جهابذة اللغة في هذا العصر المنادين بالتجديد كان هدفهم تيسير النحو وقواعد اللغة العربية بشكل عام، وهذا هدفٌ يحمدون عليه ويُعانون، وهم ليسوا بدعاً في ذلك فالقدماء اشتغلوا في تيسير النحو قروناً عديدة، وبمقارنة بين كتاب سيبويه وجمل الزجاجي مثلاً أو إيضاح الفارسي أو لمع ابن جنّي يُدرك بعض جهدهم في  ذلك، إلاّ أنّ هناك فرقا بين القدماء والمحدثين في التجديد يحسن الوقوف عليه والاستفادة منه، فالتجديد عند القدماء كان يعتني بمعالجة القضايا مع توحيد الأصل وإتمام البناء،  دون التفات للتغيرات اللغوية الطارئة؛ لأنّ الفكر العربيّ والإسلاميّ عموماً قد استقرّت أصوله، فكان لزاماً أن تستقرَّ أداته الناقلة، وهي اللغة العربيّة، على خلاف الفكر الغربي - مثلاً - المتحرّر من الضوابط والأصول، فاللغة العربية لغة شريعة هي منهاج المسلم اليومي، وهي ثقافته، وهي الأصل الذي ينطلق منه، فالمسلم في حياته لا تحركه المادة وإنما الشريعة هذا هو الأصل؛ أمّا التجديد عند المحدثين فقد تبنى - عن قصدٍ أو عن غير قصد - الفصل بين حاضر اللغة وماضيها في الغالب، وغلبت عليه العناية بالشكل دون المعنى، وأهمل في كثير من الحالات الخوض في تفصيلات النحو؛ رغبةً في التيسير، من ذلك إلغاء التفصيلات في أبواب المنصوبات، فالمهمّ أنّها منصوبة، دون عنايةٍ بالمعاني المختلفة لهذه المنصوبات، وكذا في المرفوعات والمجرورات، وهذا جرّ غالباً إلى الخوض في تعميمات لا تكشف عن المعاني، كما جرّ إلى تقليل الوظائف النحوية الذي بدوره يؤدّي إلى تقليل الأداء اللغوي والتضييق على العقول في التعبير عن أفكارها.

وممّا يحمد للمجددين عنايتهم بالتعريب، وإن كانوا لم يصنعوا الكثير؛ لأنّ الأمر أكبر من طاقتهم؛ والحقُّ أنّنا بحاجةٍ إلى التعريب لكي تواكب اللغة العربية هذا الكمّ الهائل من المصطلحات، فما دمنا لا نشارك في صناعة هذه المصطلحات، فيجب علينا على أقل تقدير عدم تكبيل لغتنا وهي قادرةٌ على استيعاب هذه المصطلحات بطرقٍ عديدة.

لقد وفّق علماء العربية الأوائل في قراءة نصوص العربية واشتغلوا في وضع أقيستها،  وإن كانوا قصّروا في القياس المنتج؛ إذ لم يتجاوزا التراكيب والألفاظ المنقولة إلاّ في النادر، ولهم عذرهم لأنهم في مرحلة استقراء وتأصيل، لكن ما عذرنا نحن؟!

إنّ التجديد الذي نحن بحاجةٍ إليه هو التجديد الذي يؤدّي إلى المحافظة على اللغة العربية وتطوير ما يمكن تطويره بالوسائل المناسبة لمواكبة المستجدات دون الانقلاب عليها وتغييرها، واضعين في أذهاننا أنّ اللغة - بشكل عام - نظامٌ لا يمكن  فرضه، وأنّ - العربيّة بشكل خاصّ - مستوعَبةٌ في مناهل المتكلمين، وحاجتُهم إلى فهم هذه المناهل كحاجتهم إلى إنتاج أمثالها لمن بعدهم، فحفظ القرآن على سبيل المثال يجرُّ إلى التعبير بأساليبه، كما يجرُّ إلى النظر في معانيه وهذا يحتاج إلى قواعد مفصلة تستطيع استيعاب لغته، وكذلك الشعر، والشعراء أدرى بهذا؛ لأنهم أكثر الناس جرياً وراء الإبداع والاستفادة من القدرات اللغوية، إلاّ إن كان الهدف أن يكتب الشعراء شعرهم بلغة الصحافة مثلاً!

ولكي تواكب اللغة العربية الواقع الثقافي يجب علينا أن نتذكر أنّ اللغة أداة، فيجب علينا أن لا نلومها، كما يجب علينا أن نتذكّر أننا من دونها نمثل مسخاً، فيجب المحافظة عليها، وذلك بربط الحاضر بالماضي؛ لأنّه جزءٌ منّا، فيُيَسَّر النحو بطريقةٍ يمكن لها أن تجد حيّزاً في عقل العربي والمسلم، وذلك  بتهذيبه وإعادة ترتيبه بما يتفق مع اللغة التي وضع من أجلها؛ كما أنّ الاهتمام بالترجمة والتعريب بشكل جماعي مدعوم، دون بخلٍ ولا تردد، مطلبٌ ملحٌّ، كما أنّ التأكيد الرسمي الدائم والفاعل على أنّ اللغة العربية هي اللغة الرسمية ولغة التعليم والإعلام، ضروريّ، ولا يجب أن ننسى ما تعانيه اللغة من تقصيرٍ في تعليمها، من حيث إعداد معلميها والاهتمام بالظروف المحيطة بالعملية التعليمية وتوفير المراجع العلمية العربية المواكبة للتطورات العلمية، وإلاّ فإنّ اللغة العربية غير مسؤولةٍ عن النتائج، كما يجب ألاّ ننسى أنّ قناعة المتعلّم في تعلم اللغة مهمّةٌ؛ لأنّ المتعلّم إذا لم يكن مقتنعاً بحاجته إلى تعلّم اللغة فإنه لن يتفاعل معها، وبالتالي لن يتمكّن من تعلّمها، أو لن نتمكّن من تعليمها له، مهما يسّرنا وذلّلنا، إنّ المشكلة أكبر من صعوبة القواعد النحويّة.

إنّ قدرة العربية بمفرداتها الكثيرة ونظامها الاشتقاقيّ وحسن استقبالها واحتوائها للفظ  الأجنبي المعرب، إلى جانب نظامها النحويّ القويّ، لا يمكن أن تتنازل عنها أمةٌ ترى في نفسها القدرة على الإبداع والتطوّر، وهنا يجب التنبه إلى ثلاثة أمور:

الأول: أنّ المشكلة ليست في اللغة العربية كنظام لغوي.

الثاني: أن المشكلة في الطريقة التي يتمّ التعبير بها عن هذا النظام، وأنّ اللغة العربية ليست مسؤولة عن هذه المشكلة.

الثالث: أنّ التقصير منّا، فنحن من تراجع ثقافيّاً، ونحن من توقف عن البحث العلمي المنتج بلغتنا، ونحن من قصّر في إثراء الساحة العلمية بالمصطلحات، ونحن من قصّر في ترجمة ما يلقيه علينا الآخرون، فنحن لا ننتج ولا نترجم ما ينتج، ثمّ نلوم اللغة! ونحن من قصّر في التفاعل مع هذه اللغة وتعلّمها، فإذا أردنا أن تساعدنا اللغة العربية وتجمعنا وتظل كذلك في هذا العصر الذي قُطّعنا فيه فيجب علينا أن نساعدها.

 

 

*     *     *

 
     

 

ا